لاقى مونولوج كتبه عبد الرحمن الشرقاوي متأثرا بنكسة 1967 في مسرحيته بجزئيها الحسين ثائراً والحسين شهيداً – 1969 انتشاراً واسعاً على منصات التواصل الاجتماعي ردده عدد من المسرحيين العرب.
جاء فيه “أتعرف ما معنى الكلمة؟ مفتاح الجنة في كلمة، ودخول النار على كلمة، وقضاء الله هو الكلمة، الكلمة لو تعرف حرمة، زاد مزخور، الكلمة نور، وبعض الكلمات قبور، وبعض الكلمات قلاع شامخة يعتصم بها النبل البشري، الكلمة فرقان ما بين نبي وبغي، بالكلمة تنكشف الغمة، الكلمة نور، دليل تتبعه الأمة، عيسى ما كان سوى كلمة، أضاء الدنيا بالكلمة، وعلمها للصيادين، فصاروا يهدون العالم، الكلمة زلزلت الظالم، الكلمة حصن الحرية، إن الكلمة مسؤولية، إن الرجل هو الكلمة، شرف الرجل هو الكلمة”.
لم يجانب الكاتب الصواب بهذا المونولوج، فالكلمة في الإسلام تحتل دوراً بارزاً ومحورياً، بها خلق الله الخلائق من العدم، وبها يدخل المرء الإسلام أو يخرج منه، وبها تُعقد معاملات البيع والشراء، وبها يعقد النكاح، وبها تُنقض عرى الزوجية.
فبكلمة “كن” يخلق الله ما يشاء، يقول الله تعالى في سورة يس “إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ”.
وبمجرد نطق المرء بالشهادتين وهو مقتنع بهما يصبح المرء مسلماً.
وبموافقة البائع والمشتري اللفظية تنتقل الملكية بينهما.
وبدون صيغة الإيجاب والقبول لا ينعقد الزواج بين رجل وامرأة.
وبكلمة “طالق” التي يوجهها الرجل لزوجه طواعية دون غضب مُفقد للوعي تخرج المرأة من عصمته، إلا إذا كان الطلاق بدعياً مخالفاً للسنة النبوية.
والدعوة للإسلام والتعريف به من أعمال اللسان، يقول الله تعالى في سورة فصلت “وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ”.
كما أن أحد أهم أسباب خيرية الأمة الإسلامية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، يقول الله تعالى في سورة آل عمران “كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ۗ…”
العلاقة بين الكلمة والقدر
بل إن الدعاء يصارع القدر، ففي صحيح ابن ماجه روى ثوبان مولى رسول الله ﷺ عن رسول الله ﷺ أنه قال “لاَ يَزِيدُ فِي الْعُمْرِ إِلاَّ الْبِرُّ وَلاَ يَرُدُّ الْقَدَرَ إِلاَّ الدُّعَاءُ وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيُحْرَمُ الرِّزْقَ بِالذَّنْبِ يُصِيبُهُ”.
كما ينبغي على المسلم تجنب الكلمات السلبية، لأنها قد تتحول إلى واقع، ففي صحيح البخاري يروي عبد الله بن عباس “أنَّ النَّبيَّ ﷺ دَخَلَ علَى أعْرَابِيٍّ يَعُودُهُ، قَالَ: وكانَ النَّبيُّ ﷺ إذَا دَخَلَ علَى مَرِيضٍ يَعُودُهُ قَالَ: لا بَأْسَ، طَهُورٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ، فَقَالَ له: لا بَأْسَ، طَهُورٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ، قَالَ: قُلتَ: طَهُورٌ؟ كَلَّا، بَلْ هي حُمَّى تَفُورُ -أوْ تَثُورُ- علَى شَيخٍ كَبِيرٍ، تُزِيرُهُ القُبُورَ، فَقَالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: فَنَعَمْ إذنْ.”.
ومما يُنصح به ألا يقص المرء رؤياه إلا على من يتمنى له الخير، كي تُفسر بألفاظ إيجابية، لأن التفسير يحولها إلى واقع، ففي صحيح الجامع يروي أبو رزين العقيلي لقيط بن عامر عن رسول الله ﷺ أنه قال”رؤيا المؤمِنِ جزءٌ مِنْ أربعينَ جُزْءاً مِنَ النبوَةِ، وَهِيَ علَى رِجْلٍ طائِرٍ، ما لم يُحَدِّثْ بِها، فإذا تَحَدَّثَ بِها سقَطَتْ، ولا تُحَدِّثْ بها إلَّا لبيباً، أوْ حبيباً”.
أهمية الكلمة في الإسلام
على المسلم أن ينتبه لكلامه جيداً، ففي صحيح البخاري يروي أبو هريرة عن رسول الله ﷺ “إنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بالكَلِمَةِ مِن رِضْوانِ اللَّهِ، لا يُلْقِي لها بالاً، يَرْفَعُهُ اللَّهُ بها دَرَجاتٍ، وإنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بالكَلِمَةِ مِن سَخَطِ اللَّهِ، لا يُلْقِي لها بالاً، يَهْوِي بها في جَهَنَّمَ.”
لذلك يُنصح بالصمت إن لم يكن في الحديث خيراً، تجنباً لزلات اللسان، ففي سنن الترمذي يروي معاذ بن جبل رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ ذكر له عدداً من الأعمال التي تدخله الجنة، ثم قال له “ألا أخبرك بملاك ذلك كله، قُلْت: بلى يا رسولَ اللهِ، قال: فأخذ بلسانه، قال: كف عليك هذا. فقُلْت: يا نبي الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال: ثكلتك أمك يا مُعاذٍ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم، أو على مناخرهم، إلا حصائد ألسنتهم”.
الصدق في الإسلام
وللصدق في الإسلام أهمية قصوى، فلا يوجد كذب أبيض وآخر أسود، الكذب في الإسلام كذب، حتى لو كان مزاحاً، ففي سنن الترمذي روى معاوية بن حيدة القشيري عن رسول الله ﷺ أنه قال “ويلٌ لِلَّذِي يُحَدِّثُ بالحدِيثِ لِيُضْحِكَ بِهِ القوْمَ فيَكَذِبُ ويلٌ لَهُ ويلٌ لَهُ”.
كما جاء في صحيح الترمذي ما رواه عبد الله بن مسعود عن رسول الله ﷺ أنه قال “عليكم بالصِّدقِ فإنَّ الصِّدقَ يَهدي إلى البرِّ وإنَّ البرَّ يَهدي إلى الجنَّةِ وما يزالُ الرَّجلُ يصدقُ، ويتحرَّى الصِّدقَ حتَّى يُكتبَ عندَ اللهِ صدِّيقاً وإيَّاكم والكذبَ فإنَّ الكذبَ يَهدي إلى الفجورِ، وإنَّ الفجورَ يَهدي إلى النَّارِ، وما يزالُ العبدُ يَكذبُ ويتحرَّى الكذبَ حتَّى يُكتبَ عندَ اللهِ كذَّاباً”
وهنا يبرز مصطلح اليمين الغموس، وهو مصطلح شرعي يصف القسم كذباً للحصول على منفعة ما، وسميت باليمين الغموس لأنها تغمس صاحبها في النار، في صحيح مسلم يروي أبو أمامة إياس بن ثعلبة الحارثي عن رسول الله ﷺ أنه قال “من اقتطع حقَّ امرئٍ مسلمٍ بيمينِه حرَّم اللهُ عليه الجنةَ وأوجب له النارَ، فقال رجلٌ وإنْ شيءٌ يسيرٌ؟ قال: وإنْ قضيبٌ من أراكٍ وإنْ قضيبٌ من أراكٍ”.
أما قانونياً فيبرز مصطلح اليمين الحاسمة، التي يقسم فيها أحد المتخاصمين أمام القضاء كبينة قطعية على ما يدعيه، وتعتبر حاسمة، لأن بعدها لا مجال أمام القاضي إلا أن يصدر حكمه.
وقد حددت المادة 324 من قانون المرافعات المدنية والتجارية القطري رقم (13) لسنة 1990 أنه “يترتب على توجيه اليمين الحاسمة التنازل عما عداها من البينات بالنسبة للواقعة التي ترد عليها، ولا يجوز للخصم أن يثبت كذب اليمين بعد أن يؤديها الخصم الذي وجهت إليه أو ردت عليه، على أنه إذا ثبت كذب اليمين بحكم جزائي، فإن الخصم الذي أصابه ضرر منها أن يطالب بالتعويض، دون إخلال بما قد يكون له من حق في الطعن على الحكم الذي صدر ضده بسبب اليمين الكاذبة.”
الشهادة في الإسلام
على الشاهد في الإسلام إذا طُلبت شهادته بخصوص أمر ما أن يستجيب، ولا يحق له النكوص أو الرفض، فهي واجبة شرعاً ولا مفر منها، يقول الله تعالى في سورة البقرة “…. وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا…”
أما شهادة الزور فهي من أشد الكبائر، لأنها تؤدي إلى ضياع الحقوق واتهام الأبرياء بالباطل، ففي صحيح البخاري يروي أبو بكرة نفيع بن الحارث عن رسول الله ﷺ أنه قال “أَلا أُنَبِّئُكُمْ بأَكْبَرِ الكَبائِرِ؟ قُلْنا: بَلَى يا رَسولَ اللَّهِ، قالَ: الإشْراكُ باللَّهِ، وعُقُوقُ الوالِدَيْنِ، وكانَ مُتَّكِئاً فَجَلَسَ، فقالَ: ألا وقَوْلُ الزُّورِ، وشَهادَةُ الزُّورِ، ألا وقَوْلُ الزُّورِ، وشَهادَةُ الزُّورِ، فَما زالَ يقولُها، حتَّى قُلتُ: لا يَسْكُتُ”.
والوفاء بالعهد من أخلاق المسلم الأصيلة التي يحاسبه الله عليها، يقول الله تعالى في سورة الإسراء”… وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ ۖ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولاً”.
ويفترض الإسلام أن المسلم صادق، إلا إذا ثبت العكس أو فقد صفة العدل نتيجة لموقف مشين سابق.
أهم دوافع الدخول في الإسلام
في دراسة قام بها د. إبراهيم بو الفلفل في جامعة جيجل الجزائرية بعنوان مقاربة سوسيولوجية لظاهرة اعتناق الإسلام في الغرب(2018) وجد أن أهم دوافع الدخول في الإسلام في الغرب تدور حول الفراغ الروحي بسبب النظرة المادية للحياة، والشكوك بسبب التناقضات التي تبدو في الديانات الأخرى، كذلك بسبب احترام الإسلام للعلم والتفكير المنطقي، بل إن الحملات الإعلامية المعادية للإسلام اتضح فيما بعد أن لها دوراً كبيراً في تحفيز البعض للتعرف عليه من مصادره الأصلية.
كيفية دخول غير المسلم في الإسلام
أول باب يلج منه الإنسان إلى الإسلام هو الكلمة، وذلك من خلال النطق أو الإشارة للأخرس بشكل طوعي مع الاعتقاد قائلاً “أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله”.
وهنا لا يقول المسلم أعلم أو أؤمن أو أعتقد، بل يقول أشهد، مما يعني أنه بلغ من اليقين ما يجعله يقول أشهد، وهي منزلة عالية من اليقين، منزلة الشهادة برؤيا العين.
في صحيح البخاري يروي عبد الله بن عباس “قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لِمُعَاذِ بنِ جَبَلٍ حِينَ بَعَثَهُ إلى اليَمَنِ: إنَّكَ سَتَأْتي قَوْماً أهْلَ كِتَابٍ، فَإِذَا جِئْتَهُمْ، فَادْعُهُمْ إلى أنْ يَشْهَدُوا أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وأنَّ مُحَمَّداً رَسولُ اللَّهِ، فإنْ هُمْ أطَاعُوا لكَ بذلكَ، فأخْبِرْهُمْ أنَّ اللَّهَ قدْ فَرَضَ عليهم خَمْسَ صَلَوَاتٍ في كُلِّ يَومٍ ولَيْلَةٍ، فإنْ هُمْ أطَاعُوا لكَ بذلكَ، فأخْبِرْهُمْ أنَّ اللَّهَ قدْ فَرَضَ عليهم صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِن أغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ علَى فُقَرَائِهِمْ، فإنْ هُمْ أطَاعُوا لكَ بذلكَ، فَإِيَّاكَ وكَرَائِمَ أمْوَالِهِمْ، واتَّقِ دَعْوَةَ المَظْلُومِ؛ فإنَّه ليسَ بيْنَهُ وبيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ”.
ولذلك يقال عمن مات في سبيل الله شهيد وهي على وزن المبالغة فعيل، لأنه أثبت أنه شاهد على ما يقول من خلال تقديمه حياته في سبيل ما يؤمن به.
وليس شرطاً لدخول الإسلام الإشهار علناً أو الإشهاد عليه، يقول الله تعالى في سورة النحل “إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ۖ وأولئك هُمُ الْكَاذِبُونَ * مَن كَفَرَ بِاللَّهِ مِن بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ ولكن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ”.
كيفية تحول الإنسان رسمياً إلى الدين الإسلامي
في قطر على سبيل المثال ينص قرار وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية رقم (24) لسنة 2011 بإنشاء أقسام في الوحدات الإدارية التي تتألف منها وزارة الأوقاف الشؤون الإسلامية وتعيين اختصاصاتها في فقرته الثالثة على “المصادقة على إشهار إسلام غير المسلمين، ورعاية شؤونهم”.
وبشكل عام لا توجد نصوص قانونية معقدة في قطر بخصوص دخول المرء في الإسلام، ويبدو لي أن الدولة تنأى بنفسها عن أن تكون رقيباً على ضمائر الأفراد، خاصة أن وجود وثيقة قانونية تثبت إسلام المرء قد تؤدي إلى مطالبة البعض بوثيقة قانونية أخرى تثبت الخروج من الإسلام، وهو في ظني ما تتجنبه الدولة كونه منزلق خطير لرمي الاتهامات.
أما في الأردن فيوفر موقع الحكومة الإلكترونية خدمة تسجيل حجة إقرار بالإسلام وشروطها: “حضور المستدعي شخصياً للمحكمة، وحضور شاهدين اثنين شخصياً للمحكمة، وحضور الوكيل (إن وجد) شخصياً للمحكمة”.
وهنا تبرز آلية إثبات الإسلام في مصر والكويت أمام القضاء، التي أدت إلى ظهور مفهوم قانوني في الاتجاه العكسي يؤدي في بعض الحالات إلى إثبات الخروج من الإسلام بحكم قضائي يعرف بدعوى الحسبة في مصر ودعوى الحسبة في الكويت وتختص به النيابة العامة.
الآثار المترتبة على دخول المرء في الإسلام
يترتب من الناحية الشرعية على دخول الإنسان في الإسلام عدة أمور، منها الالتزام ببقية أركان الإسلام الخمسة.
ففي صحيح البخاري عن عبد الله بن عمر عن رسول الله ﷺ “بُنِيَ الإسْلَامُ علَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأنَّ مُحَمَّداً رَسولُ اللَّهِ، وإقَامِ الصَّلَاةِ، وإيتَاءِ الزَّكَاةِ، والحَجِّ، وصَوْمِ رَمَضَانَ”.
ولا استثناء لركني الإسلام الشهادة والصلاة، أما الزكاة والحج وصوم رمضان فلها حالات معينة يسقط فيها الإلزام بها، كما تعفى المرأة المسلمة من الصلاة في فترتي الحيض والنفاس.
ومن الأمور الأخرى التي تترتب على إسلام المرء ألا يرث من أقاربه الكفار ولا يُورِّثَهم، وإن كانت هناك فتاوى أكثر مرونة وفقاً لشروط معينة.
ففي صحيح البخاري، عن أسامة بن زيد عن رسول الله ﷺ “لَا يَرِثُ المُسْلِمُ الكَافِرَ وَلَا الكَافِرُ المُسْلِمَ”.
وإذا كان رجلاً غير مسلم متزوجاً من كتابية ثم أسلم استمر زواجه بها صحيحاً، يقول الله تعالى في سورة المائدة “الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ ۖ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ ۖ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ ۗ وَمَن يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ “.
أما إذا كان رجلاً غير مسلم متزوجاً من غير كتابية ثم أسلم، انفسخ عقد النكاح إذا لم تسلم زوجته أو تصبح كتابية طواعية، يقول الله تعالى في سورة الممتحنة “… وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنفَقُوا ۚ ذَٰلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ ۖ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ ۚ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ “.
أما المرأة غير المسلمة المتزوجة من غير مسلم إذا أسلمت، انفسخ عقد نكاحها إذا لم يسلم زوجها طواعية، يقول الله تعالى في سورة الممتحنة “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ ۖ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ ۖ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ ۖ لَا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ ۖ وَآتُوهُم مَّا أَنفَقُوا ۚ وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَن تَنكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ۚ …”.
وينص قانون الأسرة القطري رقم (22) لسنة 2006 في مادته رقم 155 على أنه “إذا أسلمت الزوجة قبل الدخول، أو بعده، وكان زوجها غير مسلم فرق القاضي بينهما بعد الإعذار له بالدخول في الإسلام خلال مدة تنقضي بمثلها العدة، فإن تعذر إسلامه فرّق بينهما، وإذا أسلم الزوجان، أو أسلم الزوج وكانت زوجته كتابية، ولم يكن بينهما سبب من أسباب التحريم، فإن نكاحهما يظل صحيحاً”.
وهو ما ذهب إليه أيضاً قانون الأحوال الشخصية الأردني رقم 36 لعام 2010 في مادته 140 التي تنص على “إذا كان الزوجان غير مسلمين وأسلما معاً فزواجهما باق، إذا أسلم الزوج وحده وزوجته كتابية فالزواج باق وإن كانت غير كتابية عرض عليها الإسلام فإن أسلمت أو صارت كتابية بقي الزواج وإن أبت فسخ الزواج، إذا أسلمت الزوجة وحدها يعرض الإسلام على الزوج فإن أسلم بقي الزواج وإن أبى فسخ الزواج، يمهل من أبى تسعين يوماً من تاريخ عرض الإسلام عليه إذا كان عاقلاً بالغاً فإن لم يكن كذلك فسخ العقد في الحال”.
وصحيح أن القانون القطري لا يكفر أحداً، لكن قانون الأسرة القطري رقم (22) لسنة 2006 يُفرق بين الزوجين المسلمين إذا ارتد أحدهما أو كليهما عن الإسلام علانية وبإصرار، حيث تنص المادة 154 على “يفرق القاضي بين الزوجين لردة أحدهما، أو كليهما، بعد الدخول، بعد الإعذار بالعودة إلى الإسلام خلال مدة تنقضي بمثلها العدة، فإن انتفت العودة فرق بينهما”.
وهو ما ذهب إليه أيضا قانون الأحوال الشخصية الأردني رقم 36 لعام 2010 في مادته 142 التي تنص على “إذا ثبتت ردة أحد الزوجين يُنظر: فإن كانت الردة قبل الدخول حكم القاضي بفسخ عقد الزواج بينهما اعتباراً ن تاريخ الردة، وإن كانت الردة بعد الدخول وأصر المرتد عليها ورفض العودة عن ردته حكم القاضي بفسخ عقد الزواج بينهما”.
وإن كانت هناك فتوى غير مشهورة أفتى بها المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث تبيح للمسلمة حديثاً الاستمرار مع زوجها غير المسلم الذي دخل بها، لكن بشروط خاصة، منها إذا كان لا يضيرها في دينها وتطمع في إسلامه.
علاقة المسلم الجديد مع والديه غير المسلمين
على المسلم الجديد أن يبر والديه حتى لو لم يسلما، بل حتى لو كانا ضد إسلامه، يقول الله تعالى في سورة لقمان “وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَىٰ وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ * وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا ۖ وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً ۖ وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ۚ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ “.
علاقة المسلم الجديد مع مجتمعه من غير المسلمين
تاريخياً انتشر الإسلام في بلاد جنوب وشرق أسيا دون قتال من خلال التجار اليمنيين، فكان لصدقهم وأمانتهم أثر كبير في انتشار الإسلام في هذه البقاع، وهو ما أشار إليه أيضاً موقع اليونسكو.
يقول برمود صمدي في مقال له بعنوان: اليمنيون :عراقة في الدعوة إلى الإسلام “بدأ اليمنيون في التغلغل إلى البلاد التي لم تصلها الفتوح الإسلامية ، وقد اشتهر البحارة اليمنيون بأنهم من أكثر البحارة مهارة في جوب البحار ، حتى قيل إن كريستوفر كولومبس ( مكتشف أمريكا فيما يزعم الغرب ) رافقه بحارة يمنيون كانوا على دراية بالطريق البحري الشرقي الذي يمر عبر المحيط الهادئ ومنه إلى أمريكا من الناحية الغربية ، ولم يكن لكريستوفر كولومبس أن يخوض غمار تلك البحار التي لم تمسها يد رجل أبيض من قبل لولا تلقيه المساعدة من البحارة العرب اليمنيين واستعانته بخرائطهم القديمة كما تشير إلى ذلك المصادر الغربية نفسها”.
وليس هذا بمستغرب على أخلاق المسلمين، يقول الله تعالى في سورة الممتحنة “لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَىٰ إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ”.
ومن الواجبات التي ينبغي على المسلم الجديد أن يتبناها النصيحة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بما لا يضر بالأمن العام، ففي صحيح مسلم يروي تميم الداري عن رسول الله ﷺ أنه قال “الدِّينُ النَّصِيحَةُ. قُلْنا: لِمَنْ؟ قالَ: لِلَّهِ ولِكِتابِهِ ولِرَسولِهِ ولأَئِمَّةِ المُسْلِمِينَ وعامَّتِهِمْ”.
