مع وفاة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي والفريق المرافق له في حادث طائرة مفاجئ، تثار التساؤلات حول آلية التعامل مع هذا الظرف، ودور مؤسسات الدولة المنخرطة في إدارة المرحلة الانتقالية.
واجهت إيران فراغًا مفاجئًا في منصب الرئاسة مرتين، الأولى في يونيو 1981 عندما قرر مجلس الشورى (البرلمان) تنحية الرئيس أبو الحسن بني صدر، أول رئيس للبلاد بعد الثورة الإيرانية، بحجة عدم الأهلية السياسية، والثانية في أغسطس من العام نفسه، عندما اغتيل خلفه محمد علي رجائي بتفجير حقيبة مفخخة.
يبرز النقاش الان حول مدى اعتماد النظام السياسي الإيراني على سلطة الرئيس، وما إذا كان نظام المؤسسات قادرًا على الحفاظ على استقراره في غياب الرئيس بشكل مؤقت.
كيف حدث الحادث
عثر فريق الإنقاذ صباح الأحد على حطام المروحية التي كانت تقل رئيس الجمهورية الإيرانية إبراهيم رئيسي والوفد المرافق له، وذلك بعد نحو 15 ساعة من البحث والتحقيق.
ووفقًا لوكالة الأنباء الإيرانية “تسنيم”، زار رئيس الجمهورية الإيرانية إبراهيم رئيسي والوفد المرافق له أذربيجان الشرقية وافتتحوا مع الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف سد “قيز قلعة سي”، وهو مشروع مشترك بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية وجمهورية أذربيجان.
تعرضت المروحية لحادث أثناء عودتها إلى مدينة تبريز لتدشين مشروع تحسين جودة مصفاة تبريز، وتحطمت في غابات ديزمار الواقعة بين قريتي أوزي وبير داود في منطقة ورزقان بمحافظة أذربيجان الشرقية شمال غرب إيران.
رئيس جمعية الهلال الأحمر الإيراني، بيرحسين كوليوند، أوضح أن قوات الإغاثة من مختلف الأجهزة تعاونت للعثور على حطام المروحية في عملية استمرت لساعات.
وذكر كوليوند أن منطقة العمليات كانت واسعة جدًا وفي ظروف جوية صعبة، مشيرًا إلى مشاركة أكثر من 2000 جندي في عملية البحث عن المروحية الرئاسية دون الاستعانة بقدرات أو معدات أي دولة أجنبية.
أفادت وكالة الأنباء الإيرانية أن الحادث أسفر عن وفاة الرئيس الإيراني برفقة وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان، وإمام جمعة تبريز آية الله آل هاشم، ومحافظ أذربيجان الشرقية مالك رحمتي، ورئيس وحدة حماية الرئيس، وعنصر من الحرس الثوري.
في غضون ذلك، أعلن المرشد الأعلى الإيراني الحداد لمدة خمسة أيام في البلاد.
ماذا يقول الدستور الإيراني عن شغور منصب الرئيس؟
بحسب توضيح نشرته وكالة إرنا الرسمية للأنباء، يتعامل الدستور الإيراني مع أي طارئ ناتج عن شغور منصب الرئاسة في البلاد، وفق نص المادة 131، التي تنص على أن النائب الأول لرئيس الجمهورية يتولى “أداء وظائف رئيس الجمهورية، ويتمتع بصلاحياته بموافقة قائد الثورة الإسلامية”.
وتوضح المادة 131 من دستور الجمهورية الإسلامية الإيرانية طريقة التعامل مع أي طارئ ناتج عن شغور منصب الرئاسة، حيث تنص على أنه “في حالة وفاة رئيس الجمهورية، أو عزله، أو استقالته، أو غيابه، أو مرضه لأكثر من شهرين، أو في حالة انتهاء فترة رئاسة الجمهورية وعدم انتخاب رئيس جديد للجمهورية نتيجة وجود بعض العقبات أو لأمور أخرى من هذا القبيل، يتولى النائب الأول للرئيس أداء وظائف رئيس الجمهورية، ويتمتع بصلاحياته بموافقة قائد الثورة الإسلامية.
وبحسب المادة 131 أيضًا، يتوجب على هيئة مؤلفة من رئيس مجلس الشورى الإسلامي ورئيس السلطة القضائية والنائب الأول لرئيس الجمهورية اتخاذ الترتيبات اللازمة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية خلال فترة أقصاها 50 يومًا.
وتكمل المادة 132 من الدستور تحديد الصلاحيات فتقول:
“خلال الفترة التي يتولى فيها المعاون الأول لرئيس الجمهورية، أو شخص آخر عُيّن بموجب المادة الحادية والثلاثين بعد المئة ـ مسؤوليات رئيس الجمهورية ويتمتع بصلاحياته، لا يمكن استيضاح الوزراء أو حجب الثقة عنهم، ولا يمكن كذلك القيام بإعادة النظر في الدستور أو إصدار الأمر بإجراء الاستفتاء العام في البلاد”.
ولكن ماذا نعرف عن رئيس إيران المؤقت؟

محمد مخبر، المولود في الأول من سبتمبر 1955 في دزفول بمحافظة خوزستان، نشأ في عائلة متدينة وتلقى تعليمه في دزفول والأهواز، وحصل على الدكتوراة في القانون الدولي، عمل في الهيئة الطبية للحرس الثوري خلال الحرب العراقية الإيرانية، وشغل مناصب قيادية عدة، منها الرئيس التنفيذي لشركة “دزفول للاتصالات” ونائب حاكم محافظة خوزستان.
في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، دخل مخبر مراكز القرار بتعيينه نائبًا للرئيس التجاري لمؤسسة “مستضعفان” ورئيسًا لمجلس إدارة بنك “سينا”، ووفقًا لصحيفة “واشنطن بوست” يتمتع بعلاقات وثيقة مع المرشد الأعلى علي خامنئي، الذي عينه في 2007 رئيساً تنفيذياً لمؤسسة “ستاد”، في عام 2010، فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على مخبر لصلاته ببرنامج الصواريخ الباليستية الإيراني.
وفي عام 2021، فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات عليه لدوره المالي في “الفساد المنهجي وسوء الإدارة” في إيران.
بعد ستة أشهر من إعلان واشنطن عن العقوبات، تولى مخبر منصب النائب الأول لرئيس الجمهورية.
بعد إعلان خبر وفاة رئيس الجمهورية الإيرانية إبراهيم رئيسي رسميًا، أعلن المرشد الإيراني تعيين النائب الأول للرئيس الراحل، محمد مخبر، لتولي مهام الرئاسة، وذلك وفقًا للبند 131 من الدستور الإيراني.