لم يكن مشهدُ حبسِ ملايين البشر لأنفاسهم أمام شاشات التلفاز في التاسعة إلا الربع بالتوقيت المحلي للساحل الشرقي للولايات المتحدة من صباح الثلاثاء، الموافق الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 أقل إثارة من مشاهد التغطية الحية التي تسمروا أمامها لهجمات أربع طائرات مدنية مختطفة استهدفت عدة أهداف أمريكية حساسة.
فالانفجار الهائل الذي أحدثه ارتطام الطائرة الأولى بالبرج الشمالي لمركز التجارة العالمي في نيويورك سرعان ما بَدد خلال ربع ساعة أوهامَ أنه غير متعمد ارتطامُ طائرةِ أخرى بالبرج الجنوبي، ولينهار بذلك في أقل من ساعتين البرجان ذوا المائة وعشرة طوابق.
أما الطائرة الثالثة فكانت على موعد مع الجانب الغربي من مقر وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاغون” في ولاية فرجينيا، بينما سقطت الرابعة في حقل زراعي في ولاية بنسلفانيا، بعد اشتباك ركابها مع الخاطفين.
من رحم هذا الهجوم المباغت الذي راح ضحيته قرابة 3000 إنسان عاد إلى الساحة الإعلامية في الغرب مصطلح مكافحة الإرهاب.
ورغم وجود تنظيمات وعمليات إرهابية لا علاقة لها بالإسلام على مستوى العالم شرقاً وغرباً، إلا أن التخصيص الإعلامي للإرهاب بأنه إسلامي لم يكن فقط ظاهرة صوتية فحسب، بل بات توجهاً سياسياً ترتبت عليه على المستوى الدولي – فيما يشبه تأثير الدومينو المتسلسل – إجراءات رقابية واقتصادية وعسكرية.
جهود قطر في مكافحة الإرهاب
كان موقف القيادة القطرية دائماً واضحاً وحازماً فيما يخص مكافحة جرائم الإرهاب، فهي جرائم تطال عادة الأبرياء بشكل عشوائي ممن تصادف وجودهم في موقع الجريمة، وتقوم على أيديولوجيات وأفكار مسمومة بدوافع الكراهية والحقد.
وقد أفرد الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير دولة قطر جانباً مهماً من خطابه في الدورة 73 لاجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك حول موقف بلاده الحازم في مكافحتها للإرهاب، مشيراً إلى أنه “يسود اتفاق أن الإرهاب بات يشكل أحد أبرز التحديات التي يواجهها العالم لما يمثله من تهديد حقيقي للسلم والأمن الدوليين”.
كما أكد على “موقف دولة قطر الثابت برفض كافة أشكال الإرهاب وصوره، في أي مكان في العالم، ومهما كانت الأسباب والذرائع”.
ثم تطرق إلى أن مكافحة الإرهاب أولوية في سياسة دولة قطر على المستوى الوطني والإقليمي والدولي، وهو ما استدعى تطوير الأنظمة التشريعية والمؤسسية في الدولة، مع حرصها على الوفاء بالالتزامات الدولية المعنية بمكافحة الإرهاب وتمويله.
وقد اقترح شروطاً عملية، كي تُحقق الحرب على الإرهاب أهدافها، وهي؛ التعاون الدولي في محاربة التطرف والعنف الناجم عنه، مع ضرورة توحيد المعايير بحيث لا يكون تعريف الإرهاب انتقائياً حسب هوية الفاعل من الناحية الدينية أو العرقية.
كما حذر من إغفال معالجة الجذور والأسباب، وطالب بالعمل على إيجاد تسويات عادلة للقضايا المشتعلة التي تغذي مشاعر الغضب والإحباط، وضرورة عدم تحزيب مصطلح الإرهاب بهدف قمع الخصوم السياسيين، وهو يحدث في بعض الدول.
ثم عرض فلسفة قطر الوقائية ضد الإرهاب بتمويلها لمبادرة استباقية تحول دون وقوعه، من خلال التزامها “بتعليم عشرة ملايين طفل وتوفير التمكين الاقتصادي لنصف مليون من شباب” المنطقة، وذلك من عن طريق “التعاون مع الأمم المتحدة بتنفيذ مشاريع لتعزيز فرص العمل للشباب من خلال بناء القدرات وإطلاق برامج لمنع التطرف العنيف”.
وقبل هذا الخطاب بسنوات، لم تكن دولة قطر في معزل عما يموج في العالم من حولها بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، فأصدرت مبكراً قانون مكافحة غسل الأموال رقم 28 لسنة 2002 الذي وضح في البند الأول من مادته الثانية مفهوم جريمة غسل الأموال، فاعتبره ذلك المال المتحصل من “الجرائم التي يعتبرها القانون جرائم إرهابية، متى كان القصد من ذلك إخفاء المصدر الحقيقي للمال وإظهار أن مصدره مشروع”.
وفي العام نفسه 2004 الذي شهد إصدار الدستور الدائم لدولة قطر المكون من 150 مادة لتنظيم البيت الداخلي، صدر أيضاً قانون رقم (3) لسنة 2004 بشأن مكافحة الإرهاب المكون من 23 مادة للوقوف أمام أي توجهات أو ميول إرهابية تتهدد هذا البيت أو تتهدد بقية العالم بأسره.
وعلى سبيل المثال، أكدت المواد رقم 5 و 6 و 7 من الدستور القطري على مفاهيم أساسية، منها؛ ضرورة حفاظ الدولة على استقلالها وسيادتها وسلامتها ووحدتها وأمنها واستقرارها، واحترامها للمواثيق والعهود الدولية، وتوطيدها للسلم والأمن الدوليين، وفضها للمنازعات الدولية بالطرق السلمية، ودعمها لحق الشعوب في تقرير المصير، وعدم تدخلها في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وتعاونها مع الأمم المحبة للسلام.
أما مفهوم الجرائم الإرهابية فقد وضحه البند الأول من المادة الأولى من قانون رقم (3) لسنة 2004 بشأن مكافحة الإرهاب بأنه “كل جريمة منصوص عليها في هذا القانون وكل جناية منصوص عليها في قانون العقوبات أو في أي قانون آخر، تُرتكب باستخدام إحدى وسائل الإرهاب أو بقصد تحقيق أو تنفيذ عمل إرهابي أو بقصد الدعوة إلى ارتكاب أي جريمة مما تقدم أو التهديد بها”.
وقد نص قانون رقم (3) لسنة 2004 بشأن مكافحة الإرهاب في عدد من بنوده على عقوبات رادعة تفصيلية لجرائم الإرهاب، منها ما يصل إلى عقوبة الإعدام أو الحبس المؤبد حسب طبيعة الجريمة.
لم تكتفِ دولة قطر في مواجهتها للإرهاب بهذه القوانين، بل أتبعتها بتشريعات إضافية، ففي عام 2010، أصدرت القانون رقم (4) لسنة 2010 بشأن مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وفي أقل من أربع سنوات شهد عام 2014 صدور القرار الأميري رقم (43) بإنشاء هيئة تنظيم الأعمال الخيرية، كما صدَّقت في عام 2018 على الاتفاقية الدولية لقمع تمويل الإرهاب التي اعتمدتها الأمم المتحدة، تلى ذلك بعام اصدارها قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب رقم (20) لسنة 2019.
كل هذه التشريعات تعكس حرص قطر الكبير على مكافحة الإرهاب على مستوى العالم، رغم أنها دولة تتمتع بالصدارة المطلقة في مؤشر السلم على مستوى الشرق الأوسط، وذلك وفقاً لمؤشر السلم العالمي الصادر عن معهد السلام والاقتصاد في أستراليا.
وقد أثبتت الأيام أن اتهام بعض الأنظمة الإقليمية والدولية لقطر بدعم الإرهاب كانت كلها محض افتراء، فدعمها للجهود الإنسانية بالشراكة مع مؤسسات دولية مثل الأمم المتحدة خير دليل على ذلك.
وجهودها للوساطة الدبلوماسية بين أطراف دولية متصارعة مثل روسيا وأوكرانيا أو بين طالبان والولايات المتحدة أو بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية لا تعني أبداً أنها تقف في صف طرف بعينه، بل تؤكد على حرصها على السلم العالمي.
كما حددت التشريعات القانونية القطرية مفهوم الإرهاب بشكل واضح لا لبس فيه، فإنها تأمل من المجتمع الدولي أن يحذو حذوها في تعريفه وكيفية مكافحته من جذوره، دون تحيز لطرف على حساب آخر.
الإسلام ليس إرهاباً
تتجاهل الإسلاموفوبيا بما تحمله من رُهاب ضد الإسلام المعنى الحقيقي لمصطلح الإرهاب من الناحية الدينية، فهو مصطلح يختلف مفهومه عن التعريف المتداول المعاصر، فالإرهاب في الإسلام لا يخرج عن استجماع القوة بهدف الردع، لمنع الاعتداء قبل وقوعه، وليس من أهدافه الاعتداء على الأبرياء مطلقاً.
يقول الله تعالى في سورة الأنفال “وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ * ۞ وَإِن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِي”.
وقد نهى الإسلام بشكل صريح عن البدء بالاعتداء.
يقول الله تعالى في سورة البقرة “وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ”.
إن قيم الحق والعدل في الإسلام مثل عليا تحتاج لقوة تحميها، وبدون هذه القوة الرادعة يصبح الحديث ترفاً فلسفياً.
لذلك يدعو الإسلام إلى الإحسان مع غير المسلمين المسالمين.
يقول الله تعالى في سورة الممتحنة ” لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَىٰ إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ”.
تعريف المجتمع الدولي للإرهاب
لم تدخر الأمم المتحدة جهداً في تعريف الإرهاب في أكثر من وثيقة، لكنها لم تنجح حتى الآن، وربما أخفقت بشكل نهائي في ردعه على أرض الواقع بشكل عملي، فكان حق النقض “الفيتو” للدول الخمسة الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن بالمرصاد للعديد من مشاريع قرارات إدانة المعتدي.
وبات العديد من مواثيق الأمم المتحدة وقرارتها في ظل هذه الديكتاتورية المقننة حبراً على ورق لا ينقذ مستغيثاً ولا يجبر مكسوراً.
وتعرِّف الاتفاقية الدولية لقمع تمويل الإرهاب الموقعة في1999 جريمة الإرهاب في المادة الثانية بأنها أي”جريمة في نطاق إحدى المعاهدات الواردة في المرفق وبالتعريف المحدد في هذه المعاهدات، أو أي “عمل آخر يهدف إلى التسبب في موت شخص مدني أو أي شخص آخر، أو إصابته بجروح بدنية جسيمة، عندما يكون هذا الشخص غير مشترك في أعمال عدائية في حالة نشوب نزاع مسلح، عندما يكون غرض هذا العمل، بحكم طبيعته أو في سياقه، موجها لترويع السكان، أو لإرغام حكومة أو منظمة دولية على القيام بأي عمل أو الامتناع عن القيام به”.
وبموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 77/243 بات 12 فبراير يوماً دولياً لمنع التطرف العنيف عندما يفضي إلى الإرهاب من أجل التوعية بالتهديدات المرتبطة بهذا التطرف، كما أكد القرار على أن “الإرهاب والتطرف العنيف، عندما يفضي إلى الإرهاب، لا يمكن ولا ينبغي ربطهما بأي ديانة أو جنسية أو حضارة أو جماعة عرقية”.
فهل تعيد الضحايا إلى الحياة أو تبني الديار المهدمة فوق رؤوس الأبرياء أو تطعم المشردين رزنامة تذكر بضرورة مكافحة الإرهاب؟
وما جدوى القلق والإدانة أمام الدماء المسفوكة في الطرقات؟

تعريف الإرهاب نظرياً مقابل ازدواجية التشخيص عملياً
قبل فترة ليست ببعيدة، التقيت أحد أعمدة الإعلام والسياسة العرب الذين أثق بهم كثيراً؛ فبين فيْنة وأخرى ألتقي به، لكن يطول الانقطاع بيننا بحكم سفره المستمر، ولحين موعد اللقاء الآخر أكون قد أعددت الكثير من الأسئلة.
لاحظ صديقي السياسي أني كثير السؤال عن المفهوم الدقيق للإرهاب تزامناً مع طوفان الأقصى، والرجل الذي يعرف ميولي السياسية كان يجيب بكل أريحية، وبصراحة تامة.
كان وراء سؤالي ألف تنهيدة كامنة، وألف سؤال معلق، كيف لا؟ وعائلتي في فلسطين ترزح تحت لهيب الطائرات، وجحيم مدفعية المحتل، وبلادي تقدم كل دقيقة شهيداً وجريحاً، بينما العالم ما زال يناقش ويتحاور: هل ما يحدث في فلسطين إبادة جماعية، أم حرب مشروعة على شعب أعزل يشنها عليه كيان غير مشروع؟!
بالنسبة لي كفلسطيني ليس هناك أهم من أن تبقى فلسطين حاضرة في البال، وعلى طاولة المجتمع الدولي، الذي للأسف لم يستطع تطبيق تعريفه لمصطلح الإرهاب؛ إذ يمكن لشخص أن يُعد إرهابياً من قِبل البعض، ومقاوماً للاحتلال في نظر البعض الآخر.
ما تفعله الأمم المتحدة يشبه ما كان يفعله جَدّي معنا، فقد عاش طول حياته جابراً لخواطر الجميع، مسالماً يسمع الكل، فينصت لمشاكلي الساذجة التي حدثت في المدرسة، وأزمات جدتي وأولادها، وجارنا، وابن عمنا، ويسمع حتى شكاوى عابرِ الطريقِ؛ لكنه لم يضع يوماً إجراءات رادعة ليمنع الأذى ويكفّه، على الرغم من أنه كان “مختار المنطقة”؛ أي: الكبير الذي يدير شؤون حارتنا، وهو أشبه اليوم بالأمم المتحدة.
أذكر أني تعرّضت يوماً لأحد أبناء العمومة، حيث كنت أكبره سِناً، وأقوى جسمانياً، فمارست عليه إن جاز التعبير “إرهاباً” نفسياً بالمعنى الحرفي للكلمة، فأخذت دراجته الهوائية لمدة أسبوع كامل دون أن ترجف لي عين، أو يتحرك ضميري ثلاث دقائق حتى، فما كان من الطفل المسكين إلا اللجوء إلى جدي الذي أعطاه قطعة حلوى، وربت على كتفه، بينما كنت أنا ألهو غير عابئ بأحد على دراجة ابن عمي هذا، واستمرت مأساته، وواصلت أنا مناكفاتي الثقيلة نحوه، ولم يلفت نظري أحدٌ أني أمارس “إرهابًا”، ولم تُعِد حلوى جدي لابن عمي دراجته!
تتقاطع قصتي وأنا المخطئ مع واقعنا اليوم؛ إذ مضى على الفلسطينيين زُهاء ثلاثة أرباع القرن وهم ينتظرون من مجلس الأمن وسائر الأسرة الدولية المصونة “إدانة الإرهاب” الذي يتعرضون له، أو إعادة أرضهم من المحتل، مثلما تمنّى ابن عمي أن أعيد إليه دراجته، وما نال الفلسطينيون يوما إلا الكلام بأشكاله كافة، وبعض ردود الفعل على استحياء، بينما إسرائيل التي سطت على أرضهم منذ أكثر من 75 عاماً تُصنف على أنها واحة الديمقراطية في الشرق الأوسط!
وعوداً على بدء، فقد قال الرئيس الأمريكي جو بايدن يوماً في تعليق له على استهداف روسيا مستشفى في ماريوبول الأوكرانية، إن “العالم كله متحد من أجل دعم أوكرانيا، وجعْل بوتين يدفع ثمناً باهظاً”، لكنه أكد أيضا أن “إسرائيل ليست المسؤولة” عن استهداف مستشفى المعمداني بغزة!
هذا الانخرام القِيمي، والعبث السياسي، والقهر اليومي لنا؛ هو ما جعلنا نشكّك في التعريف الدقيق لمعايير الإرهاب عند هذه الدول الكبرى، ونفتش عن السبب الذي يجعل إنساناً إرهابياً هنا، وبطلاً هناك؛ لنكتشف أننا أمام تلاعب بشري في القِيمة والقيم الإنسانية، وإخضاعها للمصلحة الخاصة بدلاً من التضحية دفاعاً عن القيمة العابرة للزمان والمكان، والمنطبقة على كل الشعوب والبلدان.
إن توصيف المجتمع الدولي للإرهاب لا يكفي، وبالطبع التعاطف مع ضحاياه ليس حلاً سحرياً لإنهائه، فالبحث في دوافعه ومعالجته هو أهم ما يمكن وضعه على طاولة النقاش العالمي هذه الأيام، فضلًا عن أن إيجاد حلول ناجعة لمنع استخدام مصطلح الإرهاب بازدواجية.
وإن لم يحدث ذلك سيولد ملايين المقهورين المظلومين، ومِن ثمّ سيتحولون إلى قنابل موقوتة فيما بعدُ، ولن ينتظر المقهور سوى لحظة مناسبة وبندقية تقع في يده، وسيشعل النار في أثواب الجميع، وحينما يتمكّن من الثأر والانتقام فلا تنتظروا منه أن يطلق النار بحكمة؛ بل سيفعلها مدفوعاً بالنقمة والعمى، حتى ينتصر على جلّاده، أو يُهلك دون تحقيق هدفه.