طافت مجلة قول فصل بقرائها في عددها الثالث على اثني عشر مقالاً في شتى الأبواب، عن المرأة والطفل والحوادث والمرور، وغيرها، بأسلوب سردي ممتع لا يغفل تغطية كل موضوع من جوانبه المختلفة، وذلك بالتوازي أيضاً مع ما نشرته المجلة من أخبار جارية إقليمياً ودولياً، وكان الحضور الرقمي للمجلة على حساباتها في منصات التواصل الاجتماعي مؤشراً حساساً لتجاوب الجمهور وتفاعله مع هذا العدد.
أسبوعها الأول
نشرت المجلة في أسبوعها الأول من عددها الثالث ثلاثة مقالات في باب المرور وباب الإسلاميات وباب الأيام العالمية للأمم المتحدة.
وقد تناولت الإعلامية هدى محمد في مقالها مدارس السياقة: رحلة نحو الاحترافية والأمان على الطرقات تطور مدارس السياقة في قطر واستخدمها للتقنيات الحديثة مثل أجهزة المحاكاة وأهميتها في تحسين مستوى السلامة على الطرقات، وفي لقاء مع الشاب القطري سالم يتذكر تجربته الشخصية في عام 2001 كطالب حصل في سن مبكرة على شهادة الثانوية العامة بتفوق أهَّلَهُ لدخول الجامعة قبل الثامنة عشرة، وكيف قدم التماساً رسمياً سمح له بعد تدقيق من الضابط المسؤول واختبار بالحصول على رخصة السياقة، كي يسهل عليه الذهاب إلى الجامعة.
أما مقال قوة الكلمة في الإسلام لكاتبه أحمد عقب الباب في باب الإسلاميات فقد تناول أهمية الكلمة في الدين الإسلامي وتأثيرها على مختلف جوانب حياة الإنسان، من أول الدخول في الإسلام إلى المعاملات التجارية والزواج، بل والدعاء الذي يرد القدر كما ورد في الحديث النبوي الشريف، وتفسير الرؤى الذي يقع مع أول تفسير، ويؤكد المقال على دور الكلمة الطيبة في الدعوة إلى الحق، والتحذير من الكلمات السلبية التي تؤثر على تطورات المستقبل، أو الكذب الذي يقود إلى التهلكة، ويشدد على أهمية الصدق وتجنب شهادة الزور واليمين الغموس
من جانب آخر ناقشت الكاتبة رند سعد في مقالها اليوم العالمي للاجئين – 20 يونيو في باب الأيام العالمية الفروق بين اللاجئين الذين يُجبرون على مغادرة أوطانهم طلباً للحماية، وطالبي اللجوء الذين لم يُبت في طلباتهم بعد، والنازحين داخلياً الذين يبقون ضمن حدود بلادهم لكنهم يفرون من ظروف صعبة، وعديمي الجنسية الذين لا تعترف بهم أي دولة، وقد أشار المقال إلى وجود 117.3 مليون نازح حول العالم، مع التركيز على خمس دول رئيسية مصدرة لطالبي اللجوء.
وأشارات الكاتبة رند سعد إلى ضآلة ميزانية المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين البالغة 10,714 مليار دولار في 2022 التي لو وزعت نقداً على الـ 117.3 مليون نازح قسري على مستوى العالم، “لكان متوسط نصيب الفرد منها قرابة 80 دولار في السنة، ناهيك عن أجور الموظفين ونفقات التشغيل والبنية التحتية التي ستلتهم جزء لا يستهان به من هذا المبلغ الضئيل للغاية”.
أسبوعها الثاني
شهد الأسبوع الثاني من عدد المجلة الثالث مقالين في باب المرأة وباب التاريخ.
في باب المرأة عرضت الإعلامية هدى محمد في مقالها النشوز: تورم الأنا وضمور الأخلاق ضرورة أن يبذل الزوجان جهدهما للحفاظ على البيت، فالخلافات الزوجية أصبحت شائعة بشكل مقلق عالمياً، ناهيك عن الاثار السلبية على الأطفال، ويتطرق المقال إلى تجربة شخصية لصديقة تعرضت للعنف المنزلي، كما يُعرِّف النشوز في الشريعة الإسلامية وأنه ليس قاصراً على المرأة وحدها، فهناك أيضاً مفهوم الرجل الناشز، ويستعرض آراء الفقهاء حول كيفية التعامل مع هذه المشكلة.
أما في باب التاريخ فقد تناول د. جاسم الجزاع في مقاله نسج القوانين وتفصيلها على مقاسات عمر البشرية أصل كلمة “قانون” التي تعود إلى الكلمة اليونانية “كانون”، وتطرق إلى تطور القانون عبر العصور من مرحلة القوة الفردية إلى مرحلة التدوين، وكيف أن القوانين في العصر الحالي تتنوع اتجاهاتها بين أنجلوسكسونية ولاتينية وإسلامية، ويُثار تساؤل حول عدم وجود مكافآت للالتزام بالقانون مقارنة بالعقوبات، وتناقض تطبيق غرامات موحدة لنفس المخالفة على أفراد لهم قدرات مالية مختلفة.
ووضح الكاتب د. جاسم الجزاع العلاقة الطردية بين تطور الإنسان عبر العصور وتطور القوانين، إذ “رافقت نشأة القوانين نشأة الإنسان وتطورت بتطوره في النواحي الاجتماعية والاقتصادية والدينية والسياسية، فالنظم القانونية الحالية ما هي إلا تهذيب لنظم سابقة، ولا يمكن فهم النظم المعاصرة إلا بالرجوع إلى أصولها التاريخية”
أسبوعها الثالث
عالجت المجلة في الأسبوع الثالث من عددها الثالث مقالين في باب المحليات وباب الحوادث.
وقد تناول مقال بعنوان بعد الانتخابات الأولى لمجلس الشورى: إنجازات كبيرة وتحديات مستقبلية في 2025 في باب المحليات لكاتبه يوسف الحمادي فتح باب الترشح والانتخاب لمجلس الشورى في عام 2021، وما جرى حول هذه القضية من نقاش مجتمعي واسع، مما يُعتبر خطوة إيجابية نحو مزيد من الديمقراطية، حيث تستمر بشكل مواز نقاشات حول كيفية توزيع الدوائر الانتخابية وتأثيرها على تمثيل جميع فئات المجتمع، كجزء من تجربة ديمقراطية ممتدة، سبقتها خطوات في الماضي، فالانتخابات بشكل عام لا تعتبر حديثة العهد لدى القطريين، فقد مروا على هذه التجربة سابقاً بداية من المجلس البلدي المركزي الذي تأسس في الخمسينيات.
أما المقال الآخر الذي تناولته المجلة في هذا الأسبوع فكان في باب الحوادث للكاتب أحمد عقب الباب بعنوان سبع رصاصات داخل قاعة محكمة ألمانية تفجر تعاطفاً شعبياً مع القاتلة عن الألمانية ماريانا باخماير التي ولدت في عام 1950 في ظروف عائلية صعبة، ثم حملها في سن مبكرة في عام 1972 في ابنتها آنّا التي أصبحت أمل حياتها، لكن بعد اغتصاب طفلتها على يد الجار كلاوس غرابوفيسكي وخنقه لها، أقدمت ماريانا على قتله داخل قاعة المحكمة عام 1981، مما أثار جدلاً واسعاً، ورغم هذا أدينت بالقتل غير العمد وحكم عليها بالسجن ست سنوات، وبعد فترة السجن، عاشت حياة غير مستقرة، حتى توفيت بسرطان البنكرياس في 17 أكتوبر 1996 عن عمر ناهز 46 عاماً.
ويفسر الكاتب أحمد عقب الباب سبب تخفيف الحكم عليها من عقوبة القتل العمد إلى عقوبة القتل الخطأ، لأن القاضي “اقتنع أن القتل كان عفوياً وناجماً عن صدمة مواجهتها للمتهم المعترف بقتل ابنتها خلال جلسات المحاكمة”.
أسبوعها الرابع
تطرقت المجلة في الأسبوع الرابع من عددها الثالث إلى باب المحاكم والقضاء وباب الطفل وباب المحليات.
ففي باب المحاكم والقضاء ناقش الكاتب يوسف الحمادي في مقاله دور القضاء الإداري في تعزيز سيادة القانون مفهوم القانون الإداري الذي يُعد فرعاً من فروع القانون العام لتنظيم أداء السلطة التنفيذية لوظائفها الإدارية وعلاقتها بالهيئات والإدارات، حيث يُعتبر القضاء الإداري ضماناً لمبدأ سيادة القانون وحماية حقوق الإنسان، ففي عام 2007 صدر في دولة قطر قانون رقم (7) بشأن الفصل في المنازعات الإدارية ، لتنظيم النظر في بعض المنازعات المتعلقة بالمرتبات والعلاوات والتعيينات، مع استثناء بعض الأمور مثل الأوامر الأميرية وقضايا السيادة الوطنية.
أما في باب الطفل فقد تناولت الإعلامية هدى محمد في مقالها جرائم الأحداث: التعريفات والتبعات القانونية تصنيف الأحداث قانونياً حسب السن مع تفاوت في مسؤوليتهم القانونية، فهناك الحدث المنحرف الذي ارتكب جريمة، والحدث المعرض للانحراف الذي يواجه مشاكل اجتماعية مثل الفقر المدقع أو التفكك الأسري، حيث يُعاقب الأحداث دون 14 سنة بتدابير غير تقليدية مثل التوبيخ والإيداع في مؤسسات اجتماعية، بينما يُفرض على الأحداث بين 14 و16 سنة عقوبات مخففة ولا تُطبق عليهم عقوبات الإعدام.
على صعيد باب المحليات تناول مقال الكاتب حسن إبراهيم بعنوان نحو بيئة مستدامة في قطر: تحديات وفرص تحول منطقة الخليج منذ ستينيات القرن الماضي إلى مصدر رئيسي للطاقة العالمية، خاصة بما تصدره عالمياً من بترول وغاز طبيعي، وفي ظل التحديات البيئية الناتجة عن التوسع العمراني والنشاط الصناعي، أصبحت دول الخليج تسعى لتحقيق توازن بين استغلال الموارد الطبيعية والحفاظ على البيئة، فقطر، على سبيل المثال، أبدت اهتماماً كبيراً بصحة الإنسان والبيئة التي يعيش فيها، بل وحماية الأنواع المهددة بالانقراض مثل السلاحف البحرية صقرية المنقار، إضافة إلى استثمار دول الخليج في مشاريع الطاقة البديلة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والهيدروجين الأخضر، للتقليل من الاعتماد على الوقود الأحفوري.
ويؤكد الكاتب حسن إبراهيم على أن دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية أصدرت اتفاقية المحافظة على الحياة الفطرية ومناطقها ومواطنها الطبيعية لحماية البيئة، حيث “جاء فيها ضرورة الاهتمام بمصيرها المشترك ووحدة الأهداف التي تجمع بين شعوبها، والسعي الدؤوب لتحقيق التعاون والتكامل في كافة المجالات”.
أسبوعها الخامس
دلفت المجلة في الأسبوع الخامس من عددها الثالث إلى باب المغتربين وباب القانون.
في باب المغتربين سلط مقال التملك العقاري للأجانب بين الاستقرار الفردي والأمن القومي لكاتبه أحمد عقب الباب الضوء على تحول العمل في الغربة من وسيلة لتحقيق الأمان إلى هدف بحد ذاته بسبب الأزمات الاقتصادية والصراعات السياسية في العديد من الدول، مما جعل الفرار من الأوطان حلماً للكثيرين، وفي ظل هذه الظروف، تغيرت أولويات المغتربين من تحقيق أحلام مؤجلة إلى البحث عن الاستقرار في دول جديدة، وبات المغتربون يتطلعون إلى شراء العقارات كوسيلة لتأمين أنفسهم وأسرهم، ليصبح امتلاك عقار بمثابة نوع من الوطن البديل.
أما في باب القانون فقد تناول الكاتب عمر نبيل في مقاله الإرهاب بين وضوح التعريف وازدواجية التوصيف تعريف الإرهاب محلياً ودولياً وشرعياً، وقد أدت أحداث الحادي عشر من سبتمبر إلى تصنيفه في الغرب بشكل متحيز وغير دقيق كما لو أنه كان مرتبطاً بالإسلام، لكن دولة قطر أظهرت التزاماً راسخاً في مكافحة الإرهاب، وقد أصدرت دولة قطر مجموعة من القوانين لمكافحة الإرهاب وتمويله، وكل هذه التشريعات تعكس حرص قطر الكبير على مكافحة الإرهاب على مستوى العالم، رغم أنها دولة تتمتع بالصدارة المطلقة في مؤشر السلم على مستوى الشرق الأوسط، وذلك وفقاً لمؤشر السلم العالمي الصادر عن معهد السلام والاقتصاد في أستراليا.
ورغم إقرار الكاتب عمر نبيل لجهود الأمم المتحدة في تعريف الإرهاب في أكثر من وثيقة، لكنه تحفظ على حق النقض “الفيتو” للدول الخمسة الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، حيث “بات العديد من مواثيق الأمم المتحدة وقرارتها في ظل هذه الديكتاتورية المقننة حبراً على ورق لا ينقذ مستغيثاً ولا يجبر مكسوراً”.
ختاماً، هذه المساحة الواسعة التي تغطيها مقالات وأخبار مجلة قول فصل تعكسها دراسات معمقة موضوعية مختصرة دون تفريط، وبأسلوب سلس يفهمه المتخصص وغير المتخصص، من خلال ما توضحه الرسومات التوضيحية ومقاطع الفيديو التي تتضافر فيها الكلمة والصورة معاً في تناغم ممتع وجذاب.