طالبت محكمة العدل الدولية، إسرائيل بإنهاء احتلال الأراضي الفلسطينية التي احتلتها منذ عام 1967، ودعت إلى وقف أي إجراءات تغيّر الوضع الديمغرافي أو الجغرافي لهذه الأراضي.
وأكدت المحكمة في رأيها الاستشاري أن الأراضي الفلسطينية تشكل وحدة إقليمية ذات سيادة يجب احترامها، وشددت على حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره.
كما دعت المحكمة المجتمع الدولي للتعاون في تنفيذ هذه المطالب ووقف دعم إسرائيل كقوة احتلال.
وأوضحت أن السياسات الاستيطانية الإسرائيلية واستغلال الموارد الطبيعية في الأراضي الفلسطينية تمثل انتهاكاً للقانون الدولي، مشيرة إلى أن استمرار وجود إسرائيل في هذه الأراضي غير قانوني ويجب إنهاؤه سريعاً.
وأشارت المحكمة إلى تسارع إنشاء المستوطنات الجديدة في الضفة الغربية، وأكدت على ضرورة توقف إسرائيل عن أي أنشطة استيطانية جديدة.
كما أعربت عن عدم اقتناعها بمبررات توسيع تطبيق القانون الإسرائيلي في الضفة الغربية والقدس، واعتبرت أن فرض إسرائيل لسلطتها كقوة احتلال يتعارض مع المادتين 53 و64 من اتفاقية جنيف.
خلفية القرار
في 31 ديسمبر 2022، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارا يطلب من محكمة العدل الدولية إصدار “رأي استشاري” غير ملزم بشأن “العواقب القانونية الناشئة من سياسات إسرائيل وممارساتها في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية”، ويتعلق ذلك بالاحتلال الطويل الأمد للأراضي الفلسطينية منذ عام 1967.
وعقدت محكمة العدل الدولية جلسة استمرت أسبوعا في شباط الماضي للاستماع إلى المذكرات المقدمة من الدول إثر الطلب المدعوم من معظم الدول داخل الجمعية العامة.
ودعا معظم المرافعين خلال جلسات الاستماع التي عقدت بين 19 و26 فبراير 2024، شاركت 49 دولة، وعرضت شفهيا وجهات نظرها بشأن احتلال إسرائيل الأراضي الفلسطينية وضمها إلى مجلس المحكمة.
وطالبت المحكمة إسرائيل إنهاء احتلالها المستمر منذ 57 عاما، وحذروا من أن استمراره لفترة طويلة سيشكل “خطرا شديدا” على الاستقرار في الشرق الأوسط وخارجه.
لكن الولايات المتحدة قالت إنه ينبغي عدم إلزام إسرائيل قانونا بالانسحاب من دون أخذ “احتياجاتها الأمنية الحقيقية للغاية” في الاعتبار كما دافعت المملكة المتحدة عن الأطروحات الإسرائيلية، وطلبتا من المحكمة عدم إصدار أي رأي استشاري.
ولم تشارك إسرائيل في جلسات الاستماع الشفوية، وقدمت بدلا من ذلك مذكرة خطية تصف فيها الأسئلة المطروحة على المحكمة بأنها تنطلق من مواقف “مغرضة” و”متحيزة” ضدها.
يذكر انه في يوليو، زعمت الحكومة الإسرائيلية أن لها “الحق في فرض سيادتها على الضفة الغربية”، قائلة إن “للشعب اليهودي الحق الحصري في تقرير المصير على هذه الأراضي”.
وكانت إسرائيل قد احتلت الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية وقطاع غزة عام 1967.
ويحظر القانون الدولي على إسرائيل ضم أي أجزاء من الضفة الغربية، بحسب بيانات عديدة للأمم المتحدة في السنوات الماضية.
ووتشمل واجبات المحكمة، وهي الهيئة القضائية الرئيسية للأمم المتحدة، أولاً، حل المنازعات القانونية التي تنشأ بين الدول وفقاً للقانون الدولي، وثانياً، إبداء الرأي الاستشاري في المسائل القانونية المحالة إليها.
ويجوز للهيئات المعتمدة لدى الأمم المتحدة أن تطلب رأيا استشاريا من محكمة العدل الدولية بشأن مسألة تتعلق بالقانون الدولي، بشرط أن تكون ذات صلة بأجهزة الأمم المتحدة ومجالات نشاطها، ولا يجوز للدول أن تطلب رأياً استشارياً من المحكمة.
ورغم أن الرأي الاستشاري غير ملزم، فإنه مهم جدا لأنه يعكس رأي محكمة العدل الدولية بشأن تلك القضية
ردود فلسطينية وإسرائيلية
من جهته، ندد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بموقف محكمة العدل الدولية واعتبره “قرارا كاذبا” وقال ” الشعب اليهودي ليس محتلا لأرضه ولن يؤدي أي قرار خاطئ في لاهاي إلى تشويه هذه الحقيقة”.
وقال نتنياهو “شعبنا ليس محتلا لأرضه ولا لإرث آبائه وأي قرار كاذب في لاهاي لن يشوه هذه الحقيقة التاريخية”.
كما استبقت إسرائيل إعلان الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية بقرار مررته عبر الكنيست بالأغلبية يرفض أي تأسيس لدولة فلسطينية ويعتبر أراضي غرب نهر الأردن أراضي فلسطينية خالصة.
كان الكنيست قد صوّت بالأغلبية قبل القرار بيوم لصالح قرار يرفض قيام دولة فلسطينية، ويدّعي أن “إقامة دولة فلسطينية في قلب أرض إسرائيل ستشكل تهديدا وجوديا لإسرائيل ومواطنيها، وستؤدي إلى إدامة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني وزعزعة استقرار المنطقة”.
وفي أول رد فعل فلسطيني، قال رياض المالكي المبعوث الخاص للرئيس الفلسطيني إن محكمة العدل الدولية أكدت حق الفلسطينيين في التحرر من الاستعمار.
وأضاف المالكي أن على كل الدول تحمل واجباتها في عدم الاعتراف بالوجود غير الشرعي لإسرائيل.
وأشادت وزيرة الدولة الفلسطينية للشؤون الخارجية فارسين أغابيكيان شاهين الجمعة بموقف محكمة العدل الدولية معتبرة “أنه يوم كبير لفلسطين”.
وقالت الوزيرة لوكالة الأنباء الفرنسية “إنها أعلى هيئة قضائية (في الأمم المتحدة) وقد قدمت تحليلا مفصلا جدا لما يحصل في ضوء الاحتلال والاستيطان الدائمين من جانب إسرائيل للأراضي الفلسطينية، في انتهاك للقانون الدولي”.
ويأتي إعلان “العدل الدولية” رأيها الاستشاري في وقت تواصل فيه إسرائيل حرباً على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر الأول
الماضي، خلفت أكثر من 128 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود.
وبالتزامن مع حربه على غزة، صعَّد الجيش الإسرائيلي ومستوطنون اعتداءاتهم بالضفة، بما فيها القدس الشرقية، ما أدى إلى مقتل 576 فلسطينيا، وإصابة نحو 5 آلاف و350، حسب وزارة الصحة الفلسطينية.