ظهر التعليم المدرسي بشكله المتعارف عليه في منتصف القرن التاسع عشر استجابة لمتطلبات الثورة الصناعية، وما تشكل من أنظمة لخطوط الانتاج، لها مدخلات قياسية ومخرجات موحدة، لا مجال فيه يذكر للتمايز أو الإبداع.
فكان نظام التعليم متماهياً مع هذه الرؤية، يحشر كماً معيناً من المعلومات في رأس الطفل، على أن يستردها منه في نهاية العام الدراسي مسطرة في ورقة الأجوبة بنفس الترتيب دون فرصة للخلاف أو النقد.
أثبتت العقود الأخيرة في ظل الثورة الرقمية أن التفكير الحر والقدرة على التحليل والبحث عن البدائل هي المهارات الأساسية لأي أمة تريد العبور إلى المستقبل.
وباتت نظام التعليم التقليدي عبئاً يدرك الجميع مثالبه، لكن في الوقت نفسه لا يجرؤ أحد على استبداله.
لكن رب ضارة نافعة حملتها في طياتها جائحة كوفيد-19، فأغُلقت المدارس بقرارات سيادية تحت قصف غير منظور من فيروس لا يرى بالعين المجردة، فكان الفرار إلى التعليم المنزلي خياراً مجتمعياً لا مفر منه.
هل المدرسة تقتل المهارات الإبداعية
التعليم المنزلي هو نظام تعليمي يدرس فيه الأطفال في المنزل بواسطة الآباء أو معلمين خاصين، بدلاً من الالتحاق بالمدارس التقليدية، ويرى كثيرون أنه يُتيح للعائلات مرونة كبيرة لتصميم المناهج الدراسية بما يتناسب مع احتياجات الطفل واهتماماته، مع مراعاة قدراته الفردية.
وهناك أمثلة لقصص ملهمة مثل سيمون بايلز، إحدى أكثر لاعبات الجمباز تتويجاً في التاريخ، بدأت التعليم المنزلي في سن الثالثة عشرة لتتمكن من التركيز بشكل أكبر على تدريباتها.
ذكر موقع توب إدوكيشن ديغري أن التعليم المنزلي سمح لها بجدولة وقتها بطريقة مرنة، مما ساعدها على تحقيق إنجازات رياضية استثنائية، بما في ذلك العديد من الميداليات الأولمبية وبطولات العالم، فتجربة بايلز تثبت أن التعليم المنزلي يمكن أن يكون أداة قوية لدعم وتنمية المواهب الفريدة.
ويذكر جيكوب ماسلاو في مجلة نيو راشنليست قصة فينوس وسيرينا ويليامز، اللتان كانت تهيمنان على عالم التنس النسائي، حيث تلقتا تعليمهما المنزلي في سنواتهما المبكرة، والفضل يعود لاختيار والدهما ريتشارد ويليامز للتعليم المنزلي لضمان برنامج تعليمي مصمم خصيصاً يناسب تدريباتهما المكثفة، وبفضل هذا الخيار، تمكنت الشقيقتان من التركيز على تطوير مهاراتهما الرياضية دون أن تتأثر سلباً رحلتهما التعليمية، وأدى ذلك إلى تحقيقهما نجاحات مذهلة في رياضة التنس.
تبرز هذه القصص كيف يمكن للتعليم المنزلي أن يوفر بيئة مرنة وداعمة تساعد الأفراد على تحقيق أحلامهم وصقل مواهبهم، سواء في المجال الرياضي أو أي مجال آخر، وتجعلنا ندرك أنه أداة تمكين فعالة للوصول إلى القمة.
تناقش سماء محمد في مقالها المنشور على موقع أكاديمية سهلة الفروقات بين التعليم التقليدي والتعليم المنزلي، مما يساعد الآباء على اختيار المنهج الأنسب لتعليم أطفالهم، وأن لكل نظام مزاياه وتحدياته، ويجب أن يتماشى الاختيار مع أهداف الأسرة التعليمية واحتياجات الطفل.
توصي سماء الآباء بتقييم الخيارين بعناية، مع مراعاة أسلوب تعلم الطفل وديناميكيات الأسرة والإمكانيات المتاحة، لاتخاذ قرار مدروس يدعم تطور الطفل التعليمي، حيث تقول إن “لكل من التعليم المنزلي والمدرسة العامة مزايا وعيوب توجه الآباء لاختيار النوع المناسب لأطفالهم، وعندما تختار من بينها، فإنك تختار نظام التعليم الذي يناسب أهدافك وقدرات أطفالك واحتياجاتهم”.
فالطلاب في التعليم التقليدي يتمتعون بمناهج دراسية منظمة، وفرصة للتفاعل الاجتماعي مع أقرانهم، والمشاركة في الأنشطة اللاصفية، ومع ذلك، قد لا يلبي هذا النظام احتياجات التعلم الفردية وقد يعرض الأطفال لتحديات مثل التنمر أو التأثيرات السلبية.
وفقاً لتصريح نشره موقع شفق للمتحدث باسم التعليم في حزب المحافظين الأسكتلندي، ليام كير، أن ” في السنوات الأخيرة زاد العنف، وانخفضت المعايير، وأصبحت آفاق الوظائف التعليمية في خطر متزايد، هذه العوامل بلا شك ستدفع بعض الآباء إلى اتخاذ قرار بأن يكون طفلهم أفضل حالاً في المنزل عوضا عن المدرسة.”
أشارت الأرقام الصادرة عن المجالس الأسكتلندية ارتفاعاً في عدد الطلاب الذين يتلقون تعليمهم في المنزل إلى أكثر من 2200 طالب، بزيادة قدرها 40% خلال 2022 و2023.
ورغم أن التعليم المنزلي يوفر جدولاً مرناً وتجربة تعليمية مخصصة تتناسب مع قدرات الطفل واهتماماته، حيث انه يتيح بيئة تعلم آمنة وأساليب تعليمية حديثة، إلا أنه قد يكون مرهقاً للآباء، ويقلل من فرص التفاعل الاجتماعي للطفل، ويحتاج إلى موارد كبيرة لتقديم تعليم شامل.
ترى دوانجرات وانكليدكيو في مقالها التعليم من المنزل – بديل تعليمي، أن كلاً من التعليم المنزلي والتعليم التقليدي يمكن أن يكون فعالاً، اعتماداً على ظروف الأسرة واحتياجات الطفل، وفي كلا النظامين فرص النجاح متوفرة.
تشير وانكليدكيو إلى أن التعليم المنزلي يمنح الآباء فرصة لمراقبة تفضيلات أطفالهم التعليمية واهتماماتهم عن قرب، مما يتيح لهم تصميم أنشطة تناسب احتياجاتهم وقدراتهم بشكل أفضل، ومع ذلك، هناك التحديات التي قد تواجه الآباء، مثل موازنة العمل مع واجبات التعليم، واحتمالية افتقاد الأطفال للتفاعلات الاجتماعية التي توفرها المدارس التقليدية.
ولمواجهة هذه المخاوف، توصي وانكليدكيو بأن يمنح الآباء أطفالهم فرصاً للتفاعل مع أقرانهم من خلال اللعب في الحي أو المشاركة في أنشطة اجتماعية أو رياضية خارجية، ولكن بشكل مجدول وواضح.
فالتفاعل الاجتماعي يُعد من أبرز التحديات، حيث أن التعليم المنزلي قد يحد من فرص تفاعل الأطفال مع أقرانهم، مما قد يؤثر على مهاراتهم الاجتماعية، ولتعويض هذا النقص يجب إشراك الأطفال في أنشطة مجتمعية أو رياضية.
إضافة إلى أن على الآباء وضع روتيناً يومياً ومنظماً لأطفالهم يشبه يوم المدرسة التقليدي، يتضمن تحديد أوقات ثابتة للاستيقاظ، وتناول الطعام، والدراسة، والأنشطة الأخرى، بالإضافة إلى متابعة واجباتهم الدراسية المقدمة من المعلمين.
إذاً قد يوفر التعليم المنزلي مرونة وتعلماً مخصصاً، لكنه يحمل تحديات كبيرة تتطلب من الآباء تقييم هذه الخيارات بعناية وبنظرة متوازنة، مع ضرورة إدراك أن التعليم المنزلي ليس حلاً يناسب الجميع.
تقول آية ممدوح في مقال لها بعنوان ليس حلا سحريا كما تعتقد.. إليك الأوجه المظلمة للتعليم المنزلي إن التعليم المنزلي ليس خالياً من التحديات، فهو يتطلب من الآباء استثمار وقت وجهد كبيرين في تعلم المناهج وتنظيم الجداول الدراسية وتوفير بيئة تعليمية مناسبة، وهذه المسؤوليات قد تؤدي إلى إجهاد عاطفي لكل من الوالدين والأطفال.
فمع اختيار التعليم المنزلي للطفل تقع مسؤولية كبيرة على عاتق الآباء، فأي إهمال قد ينتهك حقوق الأطفال في الحصول على تعليم هادف، لذلك شددت بعض الدول التي حددت سناً معينة للتعليم المنزلي، لحماية الأطفال من أي إساءة محتملة من بعض الآباء الذين قد يستخدمون هذا النظام للتهرب من مسؤولياتهم.
وللحيلولة دون تسرب الأطفال من التعليم نص المشرع القطري بشكل حازم في مادته رقم (1) من قانون رقم (25) لسنة 2001 بشأن التعليم الإلزامي على أن “التعليم إلزامي ومجاني لجميع الأطفال من بداية المرحلة الابتدائية حتى نهاية المرحلة الإعدادية أو بلوغ سن الثامنة عشرة، أيهما أسبق، وتوفر الوزارة المتطلبات اللازمة لذلك.”
وجعلت المادة (2) تعليم الطفل أمراً إلزامياً على ولي أمره لا مجال لتسويفه أو تعطيله، حيث “يلتزم المسؤول عن الطفل الذي يبلغ ست سنوات عند بداية أي سنة دراسية أو حتى نهاية شهر ديسمبر من السنة ذاتها بإلحاقه بالتعليم الإلزامي، ويظل التزامه قائماً طوال مدة الإلزام المشار إليها”.
بل يُعاقب قانونياً من يتقاعس عن تعليم أطفاله، حيث تنص المادة (3) على أن “يُعاقب المسؤول عن الطفل، الذي يمتنع عن إلحاق الطفل دون عذر مقبول بمرحلة التعليم الإلزامي، بغرامة لا تقل عن خمسة آلاف ريال ولا تزيد على عشرة آلاف ريال، وفي حالة تكرار المخالفة تضاعف العقوبة في حديها الأدنى والأعلى”.
ورغم أن القانون القطري يحرص على أن يتلقى الطلاب تعليمهم في البيئة المدرسية، إلا أن وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي وفرت نظاماً يدعى تسارع للطلاب المتفوقين والمهتمين بدراستهم الفردية، يسمح لهم بالدراسة مع أقرانهم في الصفوف الأعلى.
يتيح نظام التسارع للطلبة الناجحين في اختبار الدور الأول للعام الدراسي من جميع الجنسيات في المدارس الحكومية والمدارس الخاصة التي تطبِّق المعايير الوطنية، التقدم لاختبار الدور الثاني في نفس العام للانتقال إلى صف أعلى، وذلك وفقاً لشروط ومعايير محددة.
وغالباً ما يعتمد الطالب الذي يريد اجتياز صفين في عام واحد على التعليم المنزلي خلال فترة الصيف استعداداً لامتحانات الدور الثاني، ولكن بعد اجتياز الامتحانات يعود الطالب مرة أخرى إلى النظام المدرسي التقليدي بين طلاب في الصفوف الأعلى، مما يطرق الأبواب لمشاكل أخرى متعلقة باختلاط الطلبة بمن هم أكبر منه عمراً.
بشكل عام قدم علي نذر احصائيات حول واقع التعليم المنزلي في الدول العربية، مشيراً إلى أنه لا يزال في مراحله الأولى، ويحتاج إلى مزيد من الدراسات والتشريعات لدعمه وتطويره كخيار تعليمي بديل.
شملت البيانات والاستبيانات الأولية التي قدمها نذر 144 مشاركاً من مختلف الدول العربية، تضمنت 37.5% من شمال أفريقيا، و36.8% من شبه الجزيرة العربية.
حيث أظهرت النتائج أن 89% من الأهالي المشاركين في التعليم المنزلي يعيشون في زيجات مستقرة، كما أن 91% منهم يعيشون في العالم العربي، مما يعني أنهم يمارسون التعليم المنزلي بطرق غير قانونية نظراً لعدم تشريعه في معظم الدول العربية.
وتنوعت الأسباب التي دعتهم إلى هذا النظام التعليمي بين الرغبة في تقديم تعليم مخصص يتناسب مع احتياجات الطفل، والابتعاد عن سلبيات النظام التعليمي التقليدي، بالإضافة إلى توفير بيئة تعليمية آمنة.
أما من بالنسبة للتحديات، فقد واجه الأهالي صعوبات متعلقة بعدم الاعتراف بما تلقاه الأطفال من تعليم بشكل رسمي، مما يؤثر على إمكانية حصول أبنائهم على شهادات معترف بها، كما أشاروا إلى نقص الموارد التعليمية المخصصة لهذا النمط التعليمي.
يوضح د. محمود سلامة وضع إحدى الدول العربية، والتي لا تختلف كثيراً عن مثيلاتها في مقال له بعنوان التعليم المنزلي في مصر بين الواقع والفرص، أن الصورة النمطية عن نظام التعليم المنزلي في مصر غالباً ما تكون مرتبطة بأولئك الطلاب الذين رسبوا لأكثر من عامين أو الذين التحقوا بسوق العمل دون إنهاء مرحلة تعليمية معينة، الأمر الذي أدّى إلى ترسيخ نظرة مجتمعية سلبية لنظام التعليم المنزلي وسط الفئات الاجتماعية المختلفة.
حيث أنه من المفترض أن يتجاوز المعنى الضيق للحصول على شهادة إتمام الدراسة في مرحلة تعليمية معينة إلى نظام متكامل يحقق أهداف الأسرة في تعليم أبنائها، والذي قد يمثل حلاً لعدد من مشكلات النظام التعليمي المصري إذا ما تم وضع الضوابط الصحيحة وإنفاذها بشكل قانوني، كما أن هذا النظام قد يخفف العبء على المدارس الحكومية ويعطي خياراً أكثر مرونة لمن يلجؤون إليه.
ويختلف مفهوم التعليم المنزلي في مصر عن نظيره في الدول الغربية؛ إذ يرتبط غالباً بالطلاب الذين لا يذهبون إلى المدارس بشكل منتظم، لكنهم مسجلون لأداء نفس الامتحانات التي يؤديها الطلاب النظاميون، خاصة في الصف الثالث الإعدادي والصف الثالث الثانوي، حيث يدرسون على يد مدرسين خصوصيين بمقابل مادي في سبيل تحقيق معدلات نجاح عالية تؤهلهم لتحقيق طموحاتهم الدراسية والأكاديمية المستقبلية.
ولا يمكننا أن ننسى موجة إغلاق المدارس لفترات طويلة بسبب جائحة كوفيد-19 التي ألجأت الجميع على مستوى العالم إلى التدريس عن بعد لضمان تعليم أطفالهم، وهذا المفهوم في الحقيقة لم يكن معروفاً لدى معظم الناس قبل الجائحة.
يقول د. أحمد جاسم الساعي في مقاله التعليم في أجواء كورونا المنشور في صحيفة الشرق إن تأثير جائحة كوفيد-19 على النظام التعليمي فرضت تحديات غير مسبوقة، حيث أُغلقت المدارس والجامعات، مما استدعى التحول السريع إلى التعليم عن بُعد باستخدام تقنيات التعليم الرقمي.
فقد بذلت المؤسسات التعليمية جهوداً استثنائية لتسهيل هذا الانتقال، من خلال تنظيم دورات تدريبية وورش عمل مكثفة للمعلمين والطلاب بالتعاون مع وزارات الصحة لتقديم الإرشادات الوقائية لضمان سلامة الجميع، فليس من المنطقي أن يتوقف التعليم، وكان على الجميع التكيف مع تلك الظروف لضمان استمرارية العملية التعليمية.
فكما يقول الساعي إن ” كل كوارث العالم المعاصر محدودة بزمان ومكان، إلا كارثة فيروس كورونا الصغير الحجم، الكبير الأثر، والشديد الضرر، فلم تنحصر في مكان ولا زمان،” ويضيف أن السبل والتجارب العملية سعياً لاستمرار المنظومة التعليمية خلال تلك الفترة تكللت بالنجاح.
وفي هذا السياق كان من المفترض أن تُستغل الخبرات المكتسبة من هذه التجربة، ويتم تطوير النظام التعليمي بحيث يشمل تعليماً هجيناً بين المنزلي والتقليدي، ولا مانع من أن يُقنن بطريقة ما تناسب العصر، وتكون قابلة لتحدي أي صعوبات قد تطرأ في المستقبل، إلا أنه للأسف عادت حليمة لعادتها القديمة، دون أدنى اعتبار لما تم جنيه من خبرات في هذا الصدد.
وها نحن نرى أسراً وجماعات مصرة على تعليم أبنائها وبناتها في أصعب الظروف، كما في الدول التي تعاني من الحروب والصراعات، بل نُذهل من إنجازاتها المعرفية والعلمية، كما في فلسطين والسودان واليمن وسوريا.
في مقال لمحمد زكريا بعنوان التعليم تحت الأنقاض.. قصص نجاح المدارس المنزلية بدارفور يصف فيها الحرب التي عرّضت آلاف الطلاب والمعلمين للخطر، حيث توقفت الدولة عن دفع رواتب المعلمين، وأدى ذلك إلى هجرة الكثير من الخبرات والعقول المهنية إلى الخارج.
وحتى لا يفوت الأطفال ركب التعليم، تطوع بعض السودانيين وحوّلوا بيوتهم إلى مدارس منزلية، وفتحوا أبوابها أمام أبناء النازحين لاستكمال تعليمهم والتغلب على آلة الحرب التي دمرت مدارسهم وشردتهم وفرقتهم عن معلميهم.
ويحكي زكريا قصة فاطمة، تلك الفتاة ذات العاشرة من عمرها التي تجسد الإصرار على التعليم رغم التحديات، فتحمل حقيبتها يومياً لحضور درس صغير في منزل وسط المدينة، حيث تتعلم القراءة والكتابة والرياضيات بمساعدة معلم متطوع.
فرغم الحرب التي أجبرتها على ترك مدرستها في الفاشر، وجدت ملاذاً في معهد للتعليم المنزلي، مكنها من تطوير مهاراتها الأكاديمية وحفظت آيات من القرآن الكريم، معبرة عن أملها وتحديها للظروف لتحقيق أحلامها.
لكن الحرب الأخطر تدور رحاها منذ عقود بعيداً عن مناطق النزاع دون إراقة نقطة دم واحدة، حرب يتنافس فيها الجميع على الالتحاق بوظيفة تلبي أساسيات العيش، وإذ بشباب مقبل على الحياة يصطدم بمهارت تلقنها خلف أسوار المدرسة لإثني عشر عاماً لا تسمن ولا تغني من جوع، ليواجه وهو خال الوفاض سوقاً له متطلبات لم يسمع عنها من قبل.
فإن كنت لا تريد لطفلك أن يصطف في طابور جحافل العاطلين عن العمل، فاربأ به عن التلقين، وسلحه مبكراً بمهارات التفكير النقدي والبحث الموضوعي واسكتشف مواهبه ونمها، ليمتهن ما يحب.