spot_imgspot_img
بيتآراءمنع السفر

منع السفر

على خلاف معظم التشريعات الحديثة، يخول القانون القطري للمدعي الحق في الحصول على أمر من القضاء بمنع المدعى عليه من السفر إلى خارج الدولة، ومنع شخص من السفر يعتبر قيداً على حريته الشخصية، وتقييداً لحريته في الإقامة والتنقل، وقد كفل الدستور هذا الحق في المادة (36) منه.

فما هو منع السفر؟ الأصل إنه إجراء تحفظي لمنع المدين من السفر، وهو يعد وسيلة لحماية وقتية يمنحها القضاء للدائن، فما هي شروطه؟ حددت المادة 405 من قانون المرافعات المدنية الشروط بأنه إذا قامت أسباب جدية يخشى منها فرار المدين من الخصومة أو تهريب أمواله، ويُطلب الأمر بالمنع من السفر بعريضة مسببة.

والأصل هو أنه إذا صدر الأمر بمنع المدين من السفر استمر المنع حتى ينقضي التزام المدين تجاه الدائن، وأجازت المادة 405 سالفة الذكر للمدين التظلم من الأمر وطلب إلغائه إذا أودع خزانة المحكمة قيمة الدين، أو قدم به ضماناً كافياً، أو وجدت أسباب قوية تدعو لإلغائه.

ويبدو أن الهدف من المنع هو منع فرار المدعى عليه من الخصومة، خاصة وأن كثير من الخصوم في دولة قطر هم في الحقيقة من الأجانب، أي أن إقامتهم مؤقتة، فمنع السفر وسيلة لاستيفاء الحق، وفي ذلك يقول أستاذنا فتحي غالي إن منع السفر هو وسيلة لإكراه المدين على الوفاء، ولكن هل يشترط لمنعه من السفر أن يكون قادراً على الوفاء بالدين؟

على سبيل المثال، أحد الوسائل المعروفة لإكراه المدين على الوفاء هي حبس المدين، وهي أحد وسائل التنفيذ العيني غير المباشر، والالتجاء لطلب الحبس هو للتغلب على عناد ومقاومة المدين الذي يرفض التنفيذ العيني رغم تمكنه منه وقدرته عليه، فتهديده بالحبس يحمله في أغلب الحالات على الإذعان والقيام بتنفيذ التزامه عيناً، فهو يحبسه للتعرف على حاله، فإن ثبت يساره، حُبس إلى أن يفي بالدين، وإن لم يثبت يساره لم يحبسه، وأرى أنه إن كان المدعى عليه معسراً فلا يجوز منعه من السفر، وذلك تطبيقاً للقواعد العامة التي توجب المصلحة في الإجراء المطلوب.

والأصل أن منع السفر لا يقع لمجرد عدم قيام المدين بتنفيذ التزامه، فلا بد طبقاً لنص المادة من وجود خوف من احتمال فراره، وأن يكون هذا الخوف بناءً على أسباب جدية، أي أن مجرد عزم المدين على السفر لا يعني بالضرورة قيام هذه الأسباب، بل لابد أن يكون هذا السفر بقصد الفرار من الخصومة.

في الختام، فإن إجراء منع السفر هو نظام استثنائي، لم تأخذ به أغلب التشريعات الحديثة، وآتى تلبية لواقع عملي بحكم أن أغلب سكان الدولة هم من الأجانب، فلا يجوز التوسع في تفسير النص التشريعي الذي يسمح به.

مقالات ذات صلة

اترك رد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا

الأكثر شعبية