spot_imgspot_img
بيتآراءالمشهد العربي المتردي بين سايكس بيكو وصولاً إلى تمزيق الممزق، فماذا نحن...

المشهد العربي المتردي بين سايكس بيكو وصولاً إلى تمزيق الممزق، فماذا نحن فاعلون؟ 

يستنتج الباحث الفلسطيني د. محسن محمد صالح، المدير العام لمركز الزيتونة للدراسات والاستشارات في مقال له بعنوان وثيقة كامبل بنرمان حقيقية أم مزيفة؟ أنه لا دليل قطعي على صدور الوثيقة السرية المعروفة باسم “وثيقة كامبل” نسبة إلى رئيس الوزراء البريطاني وقتها هنري كامبل بانرمان الذي دعا إلى مؤتمر في لندن في عام 1907 وشاركت فيه الدول الاستعمارية؛ بريطانيا، فرنسا، هولندا، بلجيكا، إسبانيا، إيطاليا، بهدف الحفاظ على هيمنة الدول الاستعمارية على العالم العربي، من خلال إقامة دولة في جنوب شرق البحر المتوسط، بحيث تكون منطقة عازلة بين عرب آسيا وعرب أفريقيا، على أن تظل في الوقت نفسه موالية لقوى الاستعمار.

المثير للدهشة أن كثير من الكتاب استشهدوا بهذه الوثيقة غير المقطوع بثبوتها، لكن مع ذلك لا ينفي الكاتب وجودها، فقد تحجب الدول بعض وثائقها حفظاً على مصالحها العليا، ولا ريب أن أحرص الناس على عدم كشف المؤامرات هم صانعوها، فأي مؤامرة تلك التي يكشفها أصحابها؟

وأياً ما كان، فالمشهد العربي الحالي هو بلا شك نتاج مؤامرة دولية قديمة حاكتها الصهيونية العالمية والغرب الصليبي، وقد  بدأت فصولها مع سقوط الخلافة الإسلامية في عام 1924، وتفشي المرض الغربي المسمى  بالقوميات في دول الغرب التي جعلتها تتناحر في حربين عالميتين قُتل خلالهما قرابة 100 مليون  إنسان، ومن ثم تسلل هذا المرض للأسف الشديد إلى الأمة الإسلامية، مما أدى إلى تمزيقها إلى قوميات أصبحت أغلبها مملوكة أو مستعبدة من قبل الغرب الصليبي والصهيونية العالمية.

عندما سقطت الخلافة الإسلامية في الدولة العثمانية سيطر عليها جمعية الاتحاد والترقي التركي الذي كان يؤمن بالقومية التركية مؤسساً ما سُمي بحزب تركيا الفتاة، وحاول قدر جهده تتريك العرب والشعوب الأخرى، وفرض القومية التركية القومية عليها بالقوة.

وهو ما ترتب عليه ظهور حركة مضادة عكسية من العرب كانت بدايتها بلاد الشام، وتحديداً طالب المدرسة التبشيرية في جبل لبنان مثل ناصيف اليازجي وبطرس البستاني وغيرهما ممن تأثروا بالفكر العربي وانتهجوه فكراً لدحض ومجابهة تتريكهم بالقوة.

ليقع عندئذ صدام بين العرب والترك – خاصة في بلاد الشام – بين القوميتين العربية والتركية، وبدأ يخبو رويداً رويداً مفهوم الخلافة الإسلامية الواحدة الحاضنة لكل قوميات الشعوب التي طالما آمنت بالإسلام واتخذته ديناً، عملاً بحديث رسول الله ﷺ الذي رواه عنه جابر بن عبد الله” يا أيُّها النَّاسُ :إنَّ ربَّكمْ واحدٌ، وإنَّ أباكمْ واحدٌ، ألا لا فَضلَ لعربيٍّ على عَجميٍّ، ولا لعَجميٍّ على عَربيٍّ، ولا لأحمرَ على أسوَدَ، ولا لأسوَدَ على أحمرَ، إلَّا بالتَّقوَى، إنَّ أكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أتْقاكُمْ، ألا هل بلَّغتُ ؟ قالوا : بلَى يا رسولَ اللهِ. قال : فلْيُبلِّغِ الشاهدُ الغائبَ” 

وازداد الأمر سوءاً بتعيين حزب الاتحاد والترقي أحمد جمال باشا وزير البحرية – الملقب بالسفاح – والياً على بلاد الشام.

وقد تفنن في تعذيب المعارضين بوضعهم على الخازوق وقلع أظافرهم، وقام بإعدام عدد كبير من المثقفين العرب الذين رفضوا هيمنة سياسة التتريك وفرض القومية التركية عليهم بالقوة.

ومع صباح 6 مايو 1916 كانت ساحة المرجة في دمشق وساحة البرج في بيروت شاهدتين على إعدام الأمير عمر الجزائري الابن الأصغر للأمير عبد القادر الجزائري قائد مقاومة الاحتلال الفرنسي للجزائر، والكاتب رشدي الشمعة، والشاعر شفيق بك مؤيد العظم، والشاعر رفيق رزق سلوم، والصحافي عبد الحميد الزهراوي، والكاتب عبد الغني العريسي، والمفكر سليم الجزائري، والشاعر عمر حمد، والصحافي جورج حداد.

وتوالت الأحداث الدامية نتيجة للصدام بين القوميتين العربية والتركية وهو ما ترتب عليه  قيام الثورة العربية الكبرى ضد الدولة العثمانية في 10 يونيو 1916 التي قادها أمير مكة الشريف الحسين بن علي بن محمد الهاشمي بدعم من بريطانيا، في استجابة لتزايد الشعور القومي عند العرب حينها ورغبتهم في  الاستقلال عن العثمانيين.

وهنا اتضحت معالم المؤامرة الكبرى للصهيونية العالمية والغرب الصليبي لأنه في ذات عام الثورة العربية الكبرى تم توقيع اتفاقية سايكس بيكو الأولى وهي معاهدة  سرية وقعت بين فرنسا والمملكة المتحدة بمصادقة من الإمبراطورية الروسية وإيطاليا على اقتسام منطقة الهلال الخصيب بين فرنسا وبريطانيا، وقسمت فعلياً الاتفاقية الولايات العربية العثمانية خارج شبه الجزيرة العربية إلى مناطق تسيطر عليها بريطانيا وفرنسا أو تحت نفوذهما.

فخصصت لبريطانيا فلسطين بموانئها على البحر المتوسط في حيفا وعكا، إضافة إلى الأردن وجنوب العراق، أما  فرنسا فسيطرت على جنوب شرق تركيا وشمال العراق وسوريا ولبنان.

وصدق رسول الله صل الله عليه وسلم عندما قال ” يُوشِكُ أن تَدَاعَى عليكم الأممُ من كلِّ أُفُقٍ ، كما تَدَاعَى الْأَكَلَةُ إلى قَصْعَتِها ، قيل : يا رسولَ اللهِ ! فمِن قِلَّةٍ يَوْمَئِذٍ ؟ قال لا ، ولكنكم غُثاءٌ كغُثاءِ السَّيْلِ ، يُجْعَلُ الْوَهَنُ في قلوبِكم ، ويُنْزَعُ الرُّعْبُ من قلوبِ عَدُوِّكم ؛ لِحُبِّكُمُ الدنيا وكَرَاهِيَتِكُم الموتَ”.

وللأسف الشديد شعر الغرب الصليبي والصهيونية العالمية بنجاح مهمتهما الأولى في تمزيق الأمة الإسلامية، وعندئذ جاء موعد المهمة الثانية أو ما يجوز أن نطلق عليها “سايكس بيكو الثانية”، وذلك إمعاناً في تمزيق الممزق من الأمة.

وما نراه حالياً رأي العين من تغول الكيان الصهيوني المدعو إسرائيل على جميع دول الجوار العلماني الممزق في وطننا العربي بمساعدة ودعم غربي صليبي أوروبي أمريكي لا محدود ولا مقطوع ولا ممنوع، والذي وصل إلى حد غض الطرف عما يرتكبه الكيان الصهيوني الغاصب من إبادات جماعية بحق الشعب الفلسطيني المرابط، كجرائم حرب وصلت إلى حد حرقهم أحياء في أثناء تلقيهم علاج جرحاهم في المستشفيات.

وهو ما يؤكد على أن الغرب الصليبي والصهيونية العالمية قد بدأتا فعليا في تنفيذ المرحلة الثانية لاتفاقية سيكس بيكو وهي تمزيق الممزق من وطننا العربي وغصب أراضيه، لإقامة ما يسمى بإسرائيل الكبرى، لتضحى كياناً سرطانياً يمزق جسد الأمة ويمتد فيها امتداد السرطان في الرجل المريض بلا رابط ولا ضابط.

فما هو الحل؟

مقالات ذات صلة

اترك رد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا

الأكثر شعبية