spot_imgspot_img
بيتالطفلالتربية الإسلامية مقابل التربية الأخلاقية

التربية الإسلامية مقابل التربية الأخلاقية

عندما ألحقتُ ابني عمر عام 2011 بالمدرسة الألمانية في الدوحة، سألتني الإدارة إن كنتُ أريدُ أن يتلقى مادة التربية الإسلامية أم مادة الأخلاقيات، فاخترت وقتها التربية الإسلامية، وكتبت في أوراق التسجيل أن ابني ينتمي تحديداً إلى الإسلام السني.

بعدها بعدة أيام تلقيتُ اتصالاً هاتفياً من موظفة ألمانية في المدرسة تستفسر عما أقصده بالإسلام السني، ويبدو من كلامها أنها كانت تظنني أنتمي إلى فرقة دينية منشقة مثل شهود يهوه في نظر بقية المسيحيين.

في زيارتي لاحقاً للمدرسة، أوقفتني موظفة مصرية في الاستقبال كانت تعمل فيها بحكم تمكنها من العربية والألمانية، لتقول لي إن الألمان لا يعرفون الفروق بين المذاهب الإسلامية، ويكفي تسجيل ابني كمسلم دون تحديد للمذهب.

قلت لها إني كنت أظن أن تدريس بقية المذاهب متاحاً في المدرسة الألمانية، لذلك أحببت أن أوضح رغبتي في أن يتعلم ابني الإسلام السني.

عموماً، كان هذا الموقف هو أول مرة أسمع فيها عن مادة الأخلاقيات، وفهمت فيما بعد أنها قيم أخلاقية جميلة مثل التعاون والتسامح والتواضع تُدَرّس للطفل دون الرجوع إلى أي مرجعية دينية.

في جميع الأحوال، أن تتنازل طواعية عما تريد، لتفعل ما يمليه عليك ضميرك أمر لا يحدث بين عشية وضحاها، فقد سبق ذلك تلقيك لتربية حثيثة منذ نعومة أظفارك شارك فيها الوالدان والمدرسة والمجتمع ككل.

وفيما أظن أن أي تربية لها مرجعيات، إما دينية غيبية، أو أخلاقية إنسانية، أو خليط منهما، ومع ذلك يحدث أحياناً أن يخالف الإنسان ما يؤمن به في لحظة ضعف، فيعاني بعد ذلك من تأنيب الضمير حسب درجة يقظته، ويحاول ربما أن يصلح ما يمكن إصلاحه، أو على الأقل أن لا يقع في نفس المنزلق.

هذا الصراع الداخلي يخلق حالة من التوتر والشد والجذب، تفجر نقداً ذاتياً وتشحذ حساً مرهفاً يسميها القرآن النفس اللوامة.

النفس اللوامة – الشعراوي

وتختلف المرجعية التربوية الإسلامية عن المرجعية التربوية الأخلاقية في أنها مرجعية تنتظر ثواباً ربانياً وتخشى عقاباً إلهياً، لا تبحث عن جزاء دنيوي أو شكر بشري، تعلوها رقابة ربانية عُليا لا يمكن أبداً تعطيلها أو الفرار منها، مما يولد في النفس البشرية رقابة ذاتية صادقة، معيارها الحلال والحرام وتوابعهما من أطياف المستحب والمكروه، إلخ…

ينقل الله لنا في سورة الإنسان جانباً مما يعتمر في قلب المؤمن ذي الأيد البيضاء من خواطر “وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا * إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا * فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَٰلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا”.

بينما المرجعية التربوية الأخلاقية الإنسانية، معيارها النفع والضرر، وهو أمر نسبي، فما يكون مفيداً للبعض قد يكون مضراً للبعض الآخر، وحدث ولا حرج عن تفاوت الأفهام وتباعد الأهواء التي تلعب دوراً كبيراً في تحديد ما هو حقاً نافع وما هو ضار بنسبية فضفاضة مائعة.

ناهيك عن أنها تربية لا يوجد عليها رقيب سوى المجتمع، وكثيراً ما قد يغيب.

الحافز الآخر للأخلاق غير الدينية يتمحور حول الأنا ورغبتها في الحصول على تقدير الآخرين، وتمجيد الذات، وهو ثمن بخس إذا ما قارناه بما يحرك صاحب الأخلاق الدينية من ثواب أخروي أبدي لا يزول.

مكارم الأخلاق وانحلال الأخلاق

الأخلاق مفرد خُلق، والخُلق لغة وفقا لأحمد بن فارس بن زكريا المتوفى في 395 هجرياً في كتابه معجم مقاييس اللغة، ونجدها في باب خلق”الخاء واللام والقاف، أصلان: أحدهما تقدير الشيء، والآخر ملامسة الشيء، ومن ذلك الخُلق، وهي السجية، لأن صاحبه قد قُدِّر عليه”.

كلمة أخلاق في حد ذاتها لا تعني بالضرورة شيئاً إيجابياً أو سلبياً، فقد تكون إيجابية وفي هذه الحالة تصنف على أنها من مكارم الأخلاق، وقد تكون سلبية فتُصنف في باب الأخلاق السيئة المنحلة من أي ضوابط.

وبشكل عام، يمكننا القول إن كل خلق كريم هو تحمل طوعي لخسارة أو تضحية بمصلحة، وهذا أمر منطقي ومفهوم ضمنياً، وإلا لكانت مكارم الأخلاق في متناول الجميع، يُحسِنها الشريف والوضيع على حد سواء، وما كانت أصلاً ميزة تستحق الإعجاب والتقدير.

فلا كرم دون تضحية بمال، ولا تعاون دون تضحية بجهد، ولا تواضع دون تضحية بمكانة، ولا عفة دون تضحية بلذة، ولا عفو دون تضحية بحق مسلوب.

كيف تتكون الأخلاق؟

يرى يوسف الحمادي في مقال له بعنوان ربط الوطنية وتشكيلها في تصوير الحروب أن تمثيل تاريخ الأمة يبرز الذاكرة الجمعية لها من خلال المعرفة المشتركة بالماضي وأحداثه، وهذه الذاكرة المشتركة تتطور وتتوارث داخل المجتمع على مستوى الأفراد والمؤسسات عبر أنواع التواصل المختلفة.

وتنبع أهمية الذاكرة الجمعية للمجتمع من أنها توفر تصوراً عما هو ضروري لوجود واستمرار أي تجمع بشري، كما أنها تبلور الهوية والمعتقدات والقيم من خلال سلوكيات الجماعة ومساهمتها، إضافة إلى تنظيمها للأجندات السياسية في الحاضر والمستقبل.

أما التعريف الفردي لأي هوية اجتماعية في علم الاجتماع وعلم النفس، مثل الهويات الثقافية أو العرقية، فيركز على المشاعر والأفكار المتعلقة بالانتماء إلى جماعة ما، ومع ذلك، فإن لهذا التعريف بُعدين، بعداً ينبع من اعتقاد الفرد بأنه يشعر بالانتماء إلى جماعة، مثل قول أحدهم “أنا عربي”، بما يتضمنه ذلك من أهمية عاطفية وقيم مرتبطة بهذا الانتماء.

وأيضاً بعداً آخر للهوية ينبع من معرفة الفرد وقبوله الذاتي لأهمية الانتماء للجماعة، مثل قول أحدهم “أنا فخور بكوني عربي وانتمي لأفضل مجتمع بشري”.

في المقابل يرى آخرون أن معنى الهوية المستندة إلى جماعة، غالباً ما تنشأ في سياق خطاب اجتماعي ثقافي، لذا، فهي ليست فردية على الإطلاق، بل يجب أن تكون متواجدة ولو جزئياً داخل مجتمع وطني أو ثقافي.

وقد أدخل الفيلسوف الفرنسي مونتسكيو مفهوم الهوية لأول مرة في القرن الثامن عشر، وقال إن الإنسان يتأثر بالعديد من العوامل، مثل المناخ، والدين، والقوانين، والمبادئ، والأخلاق، والعادات، والتجارب السابقة التي شكّلت جميعها روحاً عامة.

ولا يمكن أن نغفل عما أضافه الفيلسوف الألماني يوهان غوتفريد من أن هذه الروح تُوَرَّث من جيل إلى جيل، نتيجة للعادات المشتركة والنظم والثقافة واللغة والفن، كما أن جميع أفراد هذا المجتمع تحديداً يشتركون في سمات وخصائص جغرافية وتقاليد تاريخية، تحفز هذه الروح على خلق الثقافة والوطن، بل وتبث روحاً في الحياة تشكل الهوية والمعتقدات والقيم.

التربية الإسلامية

تهدف التربية الإسلامية إلى ترسيخ الأخلاق الإسلامية في الطفل، التي يُعَرِّفُها د. عدنان مصطفى خطاطبة في بحث له بعنوان الأصل الأخلاقي للتربية الإسلامية وانعكاساته التربوية (2014) بأنها “منظومة القيم والتوجيهات الإسلامية التي تصلح شأن الجماعة المسلمة وتنظم سلوك الفرد المسلم تجاه ذاته والآخرين، بقصد تحقيق السعادة في الدنيا والفوز في الآخرة”.

ويؤكد أبو حامد الغزالي المتوفى في 1111م في كتابه إحياء علوم الدين على أن الخُلق لا يعتبر خُلقاً إلا إذا كان “هيئة راسخة في النفس، عنها تصدر الأفعال بسهولة ويسر من غير حاجة إلى فكر أو روية” واشترط أن تصدر الأفعال بسهولة من غير روية “لأن من تكلف بذل المال،أو السكوت عند الغضب بجهد و روية، لا يقال خلقه السخاء و الحلم”.

ولا شك أن الفكر الإسلامي يشجع على الحوار البناء المهذب مع الآخر المختلف، يقول الله تعالى في سورة العنكبوت “وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ ۖ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَٰهُنَا وَإِلَٰهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ”.

كما يشجع على التفكير النقدي وعدم تصديق أي شيء دون تمحيص، يقول الله تعالى في سورة الإسراء “وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ۚ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا”، ويقول في سورة الحجرات “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ۖ…”، ويقول في سورة القلم “وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَّهِينٍ”.

لكنه في الوقت نفسه يضع خطاً أحمر أمام أي نقد لأوامر الله أو نواهيه، فلا يعقل أن تكون مؤمناً به كخالق عليم حكيم عادل، ثم بعد ذلك تعترض عليه، لأن هذا الموقف يناقض الإيمان به دون أدنى مبرر آخر.

يقول الله تعالى في سورة الأنبياء “لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ * أَمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً ۖ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ ۖ هَٰذَا ذِكْرُ مَن مَّعِيَ وَذِكْرُ مَن قَبْلِي ۗ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ ۖ فَهُم مُّعْرِضُونَ”، ويقول في سورة النساء “فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا”، ويقول في سورة آل عمران “قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَالنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ * وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ”.

فعصيان الله لا يخرج عن حالتين، إما ضعفاً أو كِبْراً، فلو كان ضعفاً فباب التوبة والمغفرة مفتوح، كما حدث مع آدم وزوجه، أما كِبْرً واعتراضاً على أمره سبحانه وتعالى فهو جرم لا يغتفر، و لا جزاء له إلا اللعنة والطرد من الرحمة، كما حدث مع إبليس.

وتأمل معي معصية آدم وزوجه، يقول الله تعالى في سورة الأعراف “وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَٰذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ”، ثم تأمل اعترافهما بذنبهما وندمهما عليه، ثم طلبهما للمغفرة “قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ”.

في المقابل تأمل معصية إبليس المحملة بالاعتراض على أمر الله دون لحظة تراجع أو ندم، قال تعالى في سورة الحجر “إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَىٰ أَن يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ * قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ * قَالَ لَمْ أَكُن لِّأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ * قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ * وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَىٰ يَوْمِ الدِّينِ”.

إنه الكِبْر الذي لا غفران له، وينقل الله لنا حواره مع إبليس في سورة الأعراف، كي يحذرنا من هذا السلوك المتمرد على أمره “قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ ۖ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ * قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ”.

التربية الأخلاقية

نجحت كثير من الأمم في أن تبني منظومتها الأخلاقية دون مرجعية دينية، اعتماداً على مرجعية إنسانية انبثقت عن أفكار فلسفية، حيث تعتمد هذه المنظومات الأخلاقية على رقابة المجتمع ومعاقبته للمخالف وتقدير الملتزم وتكريمه، لكن هناك ثغرات في نموذج التربية الأخلاقية اللادينية.

اليابان مثال صارخ على قيم أخلاقية رائعة متجذرة في المجتمع، صنعت منه بلداً متقدماً على جميع الأصعدة، لكنه مع ذلك بات يواجه مشاكل نفسية واجتماعية وجودية تتهدد بقاءه، مثل تراجع معدلات الإنجاب بوتيرة مرعبة ديموغرافياً من جانب، وارتفاع معدلات الانتحار من جانب آخر.

ألمانيا التي وصلت النازية فيها للحكم عبر صناديق الاقتراع الديمقراطي، فكانت صاحبة أكبر مجازر شهدتها القارة الأوروبية دون أدنى شعور بالندم، إلا بعد دحر النموذج النازي نفسه بالقوة العسكرية.

والولايات المتحدة وتوابعها من دول غربية التي شهدت تنامياً قوياً لتيار يساري يدعو للعري وقبول المثلية الجنسية في تناقض لما كان يتبناه في الماضي القريب من تجريمها.

التربية الأخلاقية في العالم العربي

تعالت مؤخراً بلا مواربة في العالم العربي بعض الأصوات المطالبة بالتربية الأخلاقية دون مرجعية دينية، بل نجد ذلك مطبقاً بالفعل في مناهج التعليم في العراق والإمارات.

ففي كتاب التربية الأخلاقية التابع لوزارة التربية العراقية المقرر على الصف الأول المتوسط (2024) نجد مفاهيم أخلاقية مثل؛ المحافظة على البيئة، وتنظيم الوقت، والاعتماد على النفس، والإخلاص في العمل، إلخ… لكنها جميعاً تذكر دون أدنى ذكر لنصوص دينية تحفز عليها، باستثناء مرات عابرة لمفهوم طاعة الله بشكل عام، دون ذكر للدين الإسلامي تحديداً.

أيضا نجد شبيه المنهج العراقي منهج وزارة التربية والتعليم الإماراتية المقرر على الصف الثاني (2017-2018)، المهتم بأخلاق حميدة، مثل؛ تقبل الآخر المختلف واحترامه واحترام القانون والتعاون مع الآخرين، إلخ…، وبالبحث في الكتاب رقمياً لم نجد نهائياً ولو آية قرآنية واحدة أو حديث نبوي واحد، بل إن كلمة الله غير مذكورة في الكتاب على الإطلاق إلا في الترحم على بعض الشخصيات القيادية في الدولة التي توفيت.

العقبات الغربية أمام استعادة العالم الإسلامي لمكانته الرائدة أخلاقياً

يرى المفكر الكويتي مهنا المهنا أن الغرب لا يجد غضاضة في ممارسة المسلمين لشعائرهم التعبدية ذات الصبغة الفردية، لكنه يحول بكل ما أوتي من قوة دون تحقق ثلاثة مفاهيم إسلامية أصيلة، ألا وهي؛ الجهاد والخلافة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

فالجهاد من وجهة نظر الغرب يُعتبر تطرفاً، حتى لو كان قوة عسكرية مسالمة هدفها حماية المسلمين من سلب مقدراتهم واحتلال أراضيهم.

والخلافة في نظر الغرب تشكل عليه خطراً من وجه نظره، لأن تكتل بلاد المسلمين على المستوى السياسي والاقتصادي والعسكري على مساحة جغرافية شاسعة لا يكون الانحياز فيه إلا لصالح المسلمين فقط، فلا يخنعوا أو يخضعوا للغير.

أما الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فهو غربياً مرفوض في العالم الإسلامي، لأنه أداة سلمية للتطوير المستمر ومكافحة الفساد قبل أن يستفحل.

ألمانيا واليابان، لماذا سمح لهما الغرب بالنهضة؟ بينما لم يسمح بنهضة حقيقية في العالم الإسلامي – مهنا المهنا

لذلك يتدخل الغرب دون كلل أو ملل لتغيير مناهج التربية الإسلامية في العالم الإسلامي، واستبدالها بأي مرجعيات أخرى.

ولكن الأخطر من العقبات الخارجية العقبات الداخلية، فهي أدران نفسية واجتماعية تحتاج إلى جهود مصلحين ربانيين مخلصين، وقبل ذلك توفيق من رب رحيم.

يقول الله تعالى في سورة الأنفال “…هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ * وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ ۚ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَّا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ ۚ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ”.

Ahmad Okbelbab
Ahmad Okbelbab
Since 2005, Ahmad has been teaching video editing and graphic design both online and in-person for leading entities such as Al Jazeera Media Network, Deutsche Welle Academy, and Al Faisaliah Group, gaining deep experience in e-learning content development, using Canvas LMS, and multimedia production with tools like Camtasia, Adobe Suite, and Final Cut Pro. His role since 2016 as an audiovisual translator at Al Jazeera, working between Arabic, English, and German, has built on his background in storytelling and video editing. Academically, Ahmad holds a BA in Mass Communications from Cairo University (2004), a Diploma in Filmmaking from New York Film Academy (2009), and has pursued Master Courses in Audiovisual Translation at Hamad Bin Khalifa University (2018), endorsed by the University of Geneva.
مقالات ذات صلة

اترك رد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا

الأكثر شعبية