شهد القرنان الماضيان في العالم الإسلامي إنشاء محاكم على غرار النظام الأوروبي، سامحة بذلك للقوانين الحديثة أن تجد لها موطئ قدم، وكانت ذروة هذه التطورات تتمثل في تلاشي المحاكم الشرعية، وظهور تعليم قانوني حديث رسخ أرضية صلبة سمحت للقوانين الغربية بأن تنتشر في جميع أنحاء العالم العربي والإسلامي.
تتشابه الدول في أن لديها محاكم كالصروح، تحمل في الغالب شعار ميزان بكفتين، وبها قاعات يجلس على منصاتها قضاة يفصلون بمطارقهم بين المتنازعين، إلا أن هذه النظرة الطفولية بعض الشيء يغلب عليها تأثير العولمة والعروض السينمائية التي توحي أن كل دول العالم تتبع نظماً قضائية متشابهة.
إلا أنه في الحقيقة بعد قراءة سريعة لترشيحات محرك البحث غوغل يتبين أن الأمر أكثر تعقيدا، فالمحاكم هي مقرات غير تابعة للسلطتين التنفيذية أو الشرعية، أي أنها لا تتبع الحكومات ولا البرلمانات، بل تتبع سلطة يَفترض أغلب الناس أنها ينبغي أن تكون مستقلة، يُطلق عليها السلطة القضائية، وللمحاكم تخصصات، فمنها المدنية وأخرى عسكرية، وأخرى عرفية، إضافة إلى أن عملية التقاضي والفصل بين المتنازعين تمر على درجات تقاض أولى وثانية وثالثة إلى أن يصدر حكم نهائي غير قابل للطعن عليه يكون بمثابة القول الفصل في أي قضية.
وعند مقارنة دول العالم، يتبين أن هناك أنظمة متباينة في كيفية الفصل بين المتنازعين، ناتجة عن فلسفة في النظر إلى نظام العدالة وتطبيقها، فالأمريكيون مثلا لديهم في نظامهم القضائي محلفون من الشعب يبدون آراءهم في القضية المنظورة ويعرضونها على القاضي، فيستمعون لموكلي المتخاصمين والادعاء العام والشهود، ويقررون ما إذا كان المتهم مذنبا أم لا، بينما في دول أخرى مثل بريطانيا يتم أخذ الأحكام السابقة بعين الاعتبار، أما المسلمون فلديهم محاكمهم الشرعية التي يرجع فيها القضاة لمصادر دينية أهمها القرآن الكريم والسنة النبوية عند إصدار أحكامهم في العديد من القضايا.
وقبل الخوض في كل نظم العالم القضائية، وجدت أنه من الأولى أن أعي النظام المتبع في بلدي قطر، هذه الدولة الخليجية العربية الإسلامية، فهي اليوم كما يوضح موقع المجلس الأعلى للقضاء الإلكتروني، أن لديها محاكم عديدة كغيرها من الدول، وحدد دستورها سلطتها القضائية واستقلاليته ضمن سلطات الدولة الثلاث، وتتدرج المحاكم فيها إلى ثلاثة درجات أولها المحكمة الابتدائية وثانيها محكمة الاستئناف وثالثها محكمة التمييز، يتم فيهم الفصل في “المنازعات الجنائية، والمنازعات المدنية والتجارية، ومنازعات الأسرة والتركات، والمنازعات الإدارية، وسائر المنازعات فيما عدا أعمال السيادة والجنسية.”
وقد مر النظام القضائي القطري بمراحل عديدة إلى أن وصل إلى ما هو عليه اليوم، فدولة قطر قبل دستورها الأخير كانت تتبع نظاما قضائيا معينا، وقبل استقلالها في عام 1971 كانت تتبع نظاما آخر، وكما هو واضح من مسار هذا النظام القضائي أنه في تطور مستمر محاولا قصارى جهده أن يصل إلى النموذج الأفضل الذي يستوعب تطور الدولة.
تبني القانون اللاتيني
ظهر مصطلح محكمة في عهد العثمانيين خلال القرن السابع عشر، فكما هو مذكور في موسوعة بيرمان للإسلام أن المحكمة كانت بمثابة الموقع الرسمي للأنشطة القضائية، ويحدد السلطان عدد المحاكم ومواقعها، واستند إنشاؤها حينها إلى حجم السكان واحتياجاتهم، حيث كانت تُنشأ عادة في البازارات أو بالقرب من الجامع الكبير في المدينة، واختلف توزيعها مع مرور الوقت في أجزاء أخرى من الإمبراطورية العثمانية استجابة للتغيرات الإدارية والديموغرافية.
وقد وضح الباحث مارن هانسن أن مصر ودولا أخرى في المنطقة خضعت خلال القرن التاسع عشر لإصلاحات قانونية تضمنت تبنيها لبعض القوانين اللاتينية، مما أدى إلى تغريب أنظمتها القانونية لتصبح ذات صبغة أوروبية حيث شهدت محاكم مختلطة مزجت الشريعة الإسلامية مع مبادئ القانون المدني اللاتيني، وبعد سقوط الدولة العثمانية طورت بعض الأقاليم مثل سوريا والعراق قوانين مدنية متأثرة بالقانون النابليوني والألماني، بينما علمنت تركيا نظامها القانوني معتمدة على القوانين السويسرية في عهد كمال أتاتورك.
في هذه الفترة كانت منطقة الخليج تمر بصراعات وحروب بين قبائلها، وصراعات أخرى بين العثمانيين والبريطانيين سعياً للسيطرة على المنطقة، وتقول الرسالة البحثية المنشورة في جامعة قطر بعنوان نشأة قطر وتطورها أن قطر وقعّت تحالفا مع الأمير فيصل بن تركي، ثاني حكام الدولة السعودية الثانية، في عام 1850 كمعاهدة حماية، سعيا لأن تستقل البلاد من السلطة في البحرين، وفي عام 1868 استطاع القطريون مواجهتهم وتثبيت مكانتهم “كمشيخة أو إمارة مستقلة، غير خاضعة لأي سلطة من جانب جيرانها.”
في سلسلة مقالاته عن القضاة الأوائل يقول الشيخ جاسم بن محمد الجابر رئيس لجنة البحوث والفتوى بالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أنه في العام نفسه 1868 قام الإمام عبدالله بن فيصل آل سعود بتعيين الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن حمدان، القصيمي المنشأ، الحنبلي المذهب، قاضيا على قطر.
توضح سلمى القطبي في كتاب المدرسة الأثرية في قطر أنها كانت في ذلك الوقت تستضيف الكثير من الكتاتيب والعلماء من نجد، ولاحقا “عندما تولى الشيخ قاسم بن محمد آل ثاني -رحمه الله- مقاليد الحكم في البلاد عام 1294 هـ (1878م)، أقر سموه الشيخ ابن حمدان على منصبه في القضاء، فبقي بذلك قاضيا للبلاد حتى عام 1310 هـ (1893م)، ثم عُيِّن الشيخُ عبد الله بن أحمد بن درهم -رحمه الله- خلفا له.”
في عام 1913، تولى الشيخ عبدالله بن قاسم آل ثاني الحكم في قطر، وكان مهتما بالتعليم، حيث كانت له رؤية تقوم على تأسيس نظام تعليمي في قطر فسعى بمبادرات كريمة لنهضة البلاد علميا وتعليميا، ولاستقرارها اجتماعيا واقتصاديا، وذلك رغم الأحداث والحروب العالمية التي عاصرت عهده، لهذا سعى إلى استقطاب الشيخ العلامة محمد بن عبدالعزيز المانع لتأسيس المدرسة الأثرية في عام 1916، وتقول القطبي أن الشيخ المانع “لم يكن معلما فحسب، بل ولاه الشيخ عبدالله بن قاسم آل ثاني على القضاء والإفتاء أيضا.”
ويوضح الشيخ الجابر في سلسلة مقالاته أنه ما أن رحل الشيخ المانع إلى المملكة العربية السعودية في عام 1939م حتى تولى الشيخ محمد بن جابر الجابر القضاء من بعده في دولة قطر، ولكنه قبِل بهذا المنصب مُكرها وبشرط إيجاد غيره، وجدير بالذكر أن كل هؤلاء كانوا يمارسون القضاء بصورة تقليدية بسيطة دون أنظمة قضائية مؤسسية.
وليس بعيداً عن قطر، فمن جانبه استطاع الملك عبد العزيز آل سعود توحيد المملكة في ذات الفترة، حيث أضاف هانسن أن مملكة الحجاز ونجد وملحقاتها وضعت في عام 1926 التعليمات الأساسية لها بمثابة دستور مكتوب يقضي بإنشاء نظام ملكي، يحكم من خلاله الملك عبد العزيز وفقًا للشريعة الإسلامية، وأقرت الوثيقة المكونة من تسعة أقسام تشتمل على سبعين مادة بدور القانون الوضعي إلى جانب القرآن والسنة، وسمحت بتفويض الواجبات الإدارية بهدف تحديث الدولة في إطار الفقه الإسلامي الحنبلي.
ووفقاً لموقع وزارة العدل السعودية فإن التعليمات الأساسية للمملكة الحجازية كانت اللبنة الأولى في تأسيس القضاء، وبعد مرور عام أصدر الملك عبد العزيز آل سعود مرسوما بتأسيس محاكم الحجاز على ثلاث درجات: محاكم جزئية وعامة كبرى، وهيئة المراقبة القضائية (محكمة نقض وإبرام )، وأما نجد وملحقاتها فيقضي فيها قضاة منفردون في أمهات المدن، بحيث يقضي في كل مدينة قاض ينظر في جميع القضايا الواقعة في مدينته وما يحيط بها من قرى.
الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود
حظيت قطر بشخصية فذة ساهمت في إنشاء أول مؤسسة قضائية حقيقية على أسس الشريعة الإسلامية، ألا وهو الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود، الذي لم يُعرف إلا بتفانيه في خدمة العدالة، ورؤيته الفقهية الثاقبة، وسعيه للخير، ومساواته بين الغني والفقير، والقوي والضعيف، وعُرف كذلك بشخصية استثنائية تركت بصمة لا تُمحى في تاريخ قطر، جعلت من ذكره موضعا لاحترام وتقدير كبيرين بين أفراد المجتمع وقرنائه من العلماء والمشايخ.
ويحكي ابنه الشيخ عبد الرحمن آل محمود في سيرة والده أنه في عام 1941، قام الشيخ عبد الله بن قاسم آل ثاني مع ابنه وشخصيات أخرى بأداء فريضة الحج، وبعد أن انتهوا من المناسك قابلوا الملك عبد العزيز آل سعود وطلبوا منه ترشيح شخص مؤهل للعمل قاضيا في دولة قطر، بديلا عن الشيخ المانع الذي “تولى الإشراف على التعليم في المملكة الوليدة” على حد تعبير الشيخ عبدالرحمن آل محمود، فوقع الاختيار على أبيه بإيعاز من الشيخ المانع، حتى أنه أوصى به قائلا “عليكم بالشيخ ابن محمود؛ فوالله إن ذهب أو ترك فلن تجدوا مثله.”
وما إن وصل الشيخ آل محمود إلى قطر، حتى تولى مسؤولياته القضائية مباشرة، فقد كانت الدولة في مرحلة تكوين، تتسم بالهياكل الحكومية البسيطة والتحديات الاقتصادية المتمثلة في انهيار سوق اللؤلؤ الطبيعي، وقد تزامنت فترة ولايته أيضا مع نشوب الحرب العالمية الثانية، وانقطاع الإمدادات البحرية، مما أدى إلى تفاقم الصعوبات المالية في منطقة الخليج وانتشار الفقر والمرض.
إلا أن الشيخ آل محمود كان يتمتع بصفات القاضي الموقر الذي كرّس حياته لتحقيق العدالة مع الالتزام العميق بالمبادئ الإسلامية، وشمل ذلك التدوين الرسمي للأحكام والقضايا في سجلات مخصصة لهذا الغرض، وعُرف عنه أنه كان يفصل في النزاعات خلال جلسة واحدة أو جلستين، ويقوم شخصيا بفحص أماكن النزاع أمام القضاء، خاصة المتعلقة بالأراضي والعقارات لضمان أحكام عادلة، ويسعى دائما إلى التوسط والمساهمة ماليا في التسوية إذا كان أحد الأطراف فقيرا، وكان يرفض تواجد الشرطة لتنظيم الوصول إليه، خشية أن يؤدي ذلك إلى إحجام المحتاجين عن طلب المساعدة، بل شدد على أهمية الجلسات المبكرة وعلى أن تكون قاعات المحكمة دائما مفتوحة للجميع.
ويقول المحامي عبدالله المسلم : “باشر عبدالله آل محمود عمله بالقضاء في عام 1941 وبدأ بوضع نظام لتسجيل القضايا والأحكام وحفظها، وعندما تم إنشاء المحاكم الشرعية في عام 1958 تولى رئاستها، وكانت تعتبر اللبنة الأولى والحجر الأساس في بناء النظام القضائي في دولة قطر.”
ومن أبرز الإجراءات والفتاوى والممارسات القانونية المبتكرة التي أقرها وتدل على فهمه العميق وإسهاماته الفقهية تصحيح أحكام قضائية متعلقة بشؤون الطلاق، فقد اعتبر الطلاق الثلاثي كأنه لفظاً واحداً، وتجاهل يمين الطلاق، وأنكر وقوع الطلاق البدعي، مؤيدا بذلك رأي ابن تيمية، كما قام باستثمار أموال اليتامى حتى لا تأكلها الزكاة وارتفاع الأسعار مع التضخم عبر السنين، كما راعى شؤون الأوقاف، إضافة إلى رفضه للهدايا تجنبا لتضارب المصالح، وكان يتحرى العدالة حتى في الدعاوى المرفوعة من أفراد رفيعي المستوى، وكان ينطق بالحكم غير عابئ بديانة أو مذهب أو عرق أو نفوذ المتنازعين أمامه.
وفي سيرته قصص تستوقف النظر تدل على ذكائه، فبدلا من أن يحيل إلى التحقيق والتمحيص قضية تزوير تأشيرة دخول مواطن سوري مسيحي من المذهب الأرمني إلى دولة قطر كان يرغب فقط العبور إلى وجهة أخرى، وتنتهي رحلته في جميع الأحوال بمغادرته البلاد، أصدر توجيهاته إلى الشرطة بالسماح للرجل وعائلته بمواصلة رحلتهم خارج البلاد في اليوم نفسه، دون مزيد من التعقيدات القانونية، اختصارا للوقت والجهد.
ويروي الشيخ فيصل بن قاسم آل ثاني قصة مقاول لبناني مسيحي واجه مشكلة مع أحد الكبراء من ذوي النفوذ بسبب عدم استلامه لمستحقاته المتبقية، فرفع قضيته إلى المحكمة الشرعية أمام الشيخ ابن محمود الذي أمر باستدعاء الخصم المدعى عليه لسماع أقواله، حيث برر احتجازه لهذه الدفعة المتبقية بأن المدعي حقق أرباحا كبيرة بالفعل، فأوضح له الشيخ ابن محمود أن الأتعاب المتفق عليها تشمل أي ربح، وعليه يحق للمقاول اللبناني الحصول على المبلغ كاملا. وطالب المدعى عليه بإبرار القسم لإثبات قيامه بسداد كافة المستحقات، فما كان منه إلا أن أضطر تحت القسم أن يدفع للمدعي ما تبقى له من أتعاب في نفس اليوم.
المحكمة العدلية
بدأ تطور النظام القضائي في دولة قطر في عهد الشيخ أحمد بن علي آل ثاني مع صدور قانون رقم (3) لسنة 1962 قانون العمل قانون العمل كأول قانون للعمل يراعي حقوق وواجبات العمال في دولة قطر، وثاني قانون عمل عربيا بعد مصر، وقد هدفت دولة قطر بعد استقلالها في عهد الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني عام 1971 إلى إنشاء نظام قضائي شامل يحدد بوضوح اختصاصات المحاكم وعمليات التقاضي والقوانين الإجرائية، مما يضمن أن يكون النظام القانوني شفافا ومفهوما للجميع، بما يتضمن أيضا القوانين التي تحدد الإجراءات الجزائية والعقابية، للحفاظ على الحقوق والممتلكات.
كما شهد العام نفسه خطوة مهمة نُقلت فيها السلطة القضائية إلى المحاكم الوطنية واضعة بذلك نهاية للسلطة القضائية البريطانية في الدولة. حيث سن قانون رقم 13 لسنة 1971 المتعلق بنظام المحاكم العدلية أطر تشريعية رئيسية، مثل القوانين المدنية والتجارية، وقوانين العقوبات، والقوانين الإجرائية، مما مهد إلى حقبة جديدة في التاريخ القانوني والقضائي لدولة قطر بالتوازي مع تطورها السريع.
ولم يلغ هذا القانون المحكمة الشرعية، بل استمرت بشكل مواز، ويذكر المسلم ذلك في توضيحه عن دور المحاكم الشرعية التي نشأت قبل عام 1971 على أنها محاكم تتألف من قضاة يحكمون بمقتضى الشريعة الإسلامية دون القوانين الوضعية ودون تحديد اختصاصات، كونها كانت تفصل في جميع أنواع الدعاوى المدنية والجنائية وكذلك المتعلقة بالتركات والأحوال الشخصية، وأصبح التقاضي على درجتين، تسمح فيها الدرجة الثانية بالاستئناف.”
وأضاف قائلا إن “قانون 1971 كان بمثابة ثورة تشريعية. تم فيها وضع قوانين وضعية مدنية وجنائية وقوانين عامة وخاصة، وتم إنشاء محاكم مدنية تختص بالمنازعات المدنية، وفي المقابل تم إنشاء محاكم جنائية (جزائية) تختص بالفصل في الجرائم الجنائية، كما تم إنشاء محاكم مقسمة إلى محاكم صغرى وأخرى كبرى للنزاعات المدنية والجنائية، ويعد ذلك النظام القضائي تطورا كبيرا واكب العصر.”
رافق ذلك وضع النظام الأساسي المؤقت للحكم في قطر الذي صدر في عام 1972، وكان بمثابة دستور يتألف من خمسة أبواب تشتمل على 71 مادة، ووضح الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني في إعلانه له أن هذا النظام الأساسي يتماشى مع مرحلة التطور التدريجي والتغييرات المترتبة على استقلال البلاد “وعلى انبلاج صبح العهد الجديد عهد النهضة الإصلاحية الشاملة،” واضعا تنظيما واضحاً لكيفية تحديد رئيس الدولة واختصاصاته، ودور مجلس الوزراء والقضاء، إضافة إلى إنشاء مجلس الشورى.
وقد تم تعزيز استكمال النظام القضائي مع إدخال قانون رقم (13) لسنة 1990 بإصدار قانون المرافعات المدنية والتجارية، الذي يوضح تطبيق القوانين والإجراءات في المنازعات وتحديد هيكل المحاكم واختصاصاتها وعملياتها، إلى جانب تعيين القضاة وحصانتهم وواجباتهم.
لقد عملت السلطة القضائية التي يعمل بها مواطنون مؤهلون وخبراء قانونيون عرب من ذوي الخبرة بجد من أجل إرساء أسس العدالة، حيث تدعمه مبادئ استقلال القضاء وعدم التدخل، مما يضمن دور القضاء باعتباره حجر الزاوية في نظام دولة قطر، ويعكس هذا التطور التزام الدولة بتطوير نظام قضائي يتماشى مع المعايير الدولية ويساهم في الوقت نفسه في الخطاب القانوني والقضائي إقليميا وعالميا.
استمرت المحكمة العدلية لأكثر من ثلاثة عقود حتى صدر آخر دستور للبلاد في عام 2004، وهو ما مهد الطريق أمام تأسيس النظام القضائي الجاري القائم على مبدأ درجات التقاضي الثلاث، وكما وضح المسلم كان الهدف من ذلك دمج المحاكم العدلية والشرعية ومواكبة النظم القضائية السائدة في البلاد العربية ودول العالم، وقد تم تأسيس المجلس الأعلى للقضاء لضمان استقلالية القضاء والإشراف على حسن سير العمل في المحاكم والأجهزة المعاونة لها، وليكون أيضا مكانا يتم فيه تطوير مؤسسة القضاء، والنظر في التظلمات المتعلقة بها، وإدارة شؤون موظفي سلك القضاء.
[…] مقال سابق بعنوان إضاءات على القضاء القطري بيّنتُ في مجلة قول فصل الإلكترونية أن نظام محاكم قطر […]