تناولت مجلة قول فصل الإلكترونية الأسبوعية في عددها الثاني عشرة أبواب استعرضت فيها قضايا متنوعة، بالإضافة إلى المقالات، نشرت المجلة أخباراً محلية وعالمية، وراعى الإصدار الرقمي للمجلة على موقعها – إضافة لحساباتها على منصات التواصل الاجتماعي – الدمج بين معالجة تحريرية موضوعية واسترسال قصصي يأخذان القارئ إلى فهم أعمق للمقالات المطروحة، يصاحبها إخراج فني يبرز المحاور المختلفة لكل مقال من خلال الرسم الجرافيكي والرسوم المتحركة الجذابة بصرياً.
أسبوعها الأول
أبرزت المجلة في أسبوعها الأول من عددها الثاني ثلاثة مقالات عن الجوانب القانونية والحقوقية في باب المرور وباب الإسلاميات وباب الأيام العالمية للأمم المتحدة.
أفردت المجلة في باب المرور مقالاً بعنوان المخالفات المرورية: بين التنظيم والردع وحفظ السلامة، واستطاعت الإعلامية هدى محمد أن تبرز نشأة صناعة السيارات وما تبعها من تشريعات مرورية كان أبرزها اتفاقية فيينا بشأن حركة المرور على الطرق لسنة 1968، وبين المقال سعي إدارة المرور لتسليط الضوء على المخاطر الناتجة عن استخدام الجوال أثناء السياقة، مشيراً إلى أن هذا السلوك المروري الخاطئ يعد واحداً من أبرز مسببات حوادث المرور، ليس فقط محلياً بل على مستوى العالم.
أما في باب الإسلاميات، فكان للكاتب أحمد عقب الباب مقال بعنوان تعقيدات الصداق: الالتزام المادي والاختبار الأخلاقي في الإسلام، تناول فيه العلاقة بين الصدق والصداق معتبراً إياه اختباراً نفسياً ومصفاة أخلاقية تكشف جانباً مهما من معدن الطرفين، كاختبار عملي في مرحلة التعارف ينجح فيه فقط الأنقياء، فلا تحل البركة على الزواج إلا بين النفوس التي تستحق من يشبهها في القناعة والرضا، فلا قناعة بدون كرم قلبي بغض النظر عن ضيق ذات اليد أو سعتها، ولا طمع بدون وجه من وجوه الأنانية والبخل والأثرة.
أما في باب الأيام العالمية للأمم المتحدة، فكان للكاتب يوسف الحمادي مقال بعنوان اليوم العالمي لحرية الصحافة – 3 مايو الذي غض الطرف عما يحدث في غزة من قتل للصحفيين على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي في مقابل تسليطه للضوء على اللوبيات الاقتصادية التي تقمع الصحفيين الذين يفضحون الأسباب الخفية وراء الأزمة البيئية، وفي هذا السياق، تواجه حرية التعبير التي تُعتبر الأساس لكافة الحريات الأخرى مأزقاً كبيراً في الدول الغربية المدعية للديمقراطية، وذلك من خلال قمعها الممنهج لأي تغريد خارج سربها السياسي.
وأعرب الكاتب الصحفي محمد الغزالي عن سعادته باقدام المجلة على “مواكبة الأخبار الجارية، سعياً لتوعية الشارع بما يحدث من الزوايا القانونية والتشريعية والدستورية، إضافة إلى تميزها في طرحها للقضايا الحساسة بسردية روائية ممتعة”
أسبوعها الثاني
تطرق الأسبوع الثاني لهذا العدد إلى باب التاريخ وباب الحوادث.
ففي باب التاريخ، عرض الكاتب محمد شعبان أيوب مقالاً بعنوان أبو يوسف الأنصاري: أول قاضي قضاة في الإسلام، تحدث فيه عن دور الفقيه والقاضي أبي يوسف الأنصاريّ، أكثر رجال الحنفية المؤسّسين تأليفاً واجتهاداً الذي يعد أول من تقلد منصب قاضي القضاة، كون أنه لم يكن موجوداً قبل عهد العباسيين، فلما استتب لهم الأمر وبسطوا حكمهم على مساحة شاسعة من العالم الإسلامي خصوا القضاء بعناية خاصة كأحد أهم أركان الدولة، وقد شرح الكاتب أيضاً كيف أن أبا يوسف تمكن من تحقيق العدل وتطبيق الشريعة بمرونة وإتقان، مما ساهم في تعزيز مكانة القضاء الإسلامي عبر العصور.
وقد تطرقت مجلة قول فصل إلى باب الحوادث بمقال يحمل عنوان جرائم الشرف .. الهروب نحو الفناء لكاتبه أحمد عقب الباب، تناول فيه تعريف جرائم الشرف ومعدلاتها في العالم العربي، والاختلافات بين موقف الشرع الإسلامي الذي يُدين بشكل قطعي هذا النوع من الجرائم، حيث تعتبر عقوبات القوانين الوضعية المخففة في العالم العربي مخالفة صريحة للشريعة الإسلامية، مما جعلها سبباً رئيساً في محدودية قدرتها على الردع.
وعلق عقب الباب في مقاله عن مدى تأثره بقدرة الكاتبة نيكول بوب في كتابها جرائم الشرف في القرن الحادي والعشرين (2012)، وقال إن “الكاتبة استطاعت من خلال لقاءات وتحقيقات أجرتها حول القضية وفهمها العميق لما يجري في منطقة الشرق الأوسط، كون أن هناك ضرورة للتوعية بأضرار هذه الجرائم والعمل على تغيير المفاهيم الخاطئة التي تبررها”.
أسبوعها الثالث
وفي أسبوعها الثالث تطرقت المجلة إلى ثلاثة أبواب، باب المحاكم والقضاء وباب الطفل وباب المرأة.
ففي باب المحاكم والقضاء تناول الكاتب يوسف الحمادي مقالاً بعنوان تحديات النظام القضائي وأهمية تنفيذ الأحكام لتحقيق العدالة، ناقش فيه درجات التقاضي الثلاث في المحاكم: الابتدائية والاستئناف والتمييز، والفترات الزمنية التي تستغرقها عادة للبت في القضايا المعروضة أمامها، وأشار إلى أن الأحكام القضائية تكتسب قوة الأمر المقضي به عندما لا تقبل الطعن عليها، وقد أورد على سبيل المثال قضية حصل فيها على حكم نهائي لصالحه ولم يستطع تنفيذه حتى الآن لأسباب إجرائية.
أما في باب المرأة فنطالع مقالاً بعنوان ذكور وإناث .. رجال ونساء لكاتبته ياسمين عنبر التي حاولت أن تعالج تطرف الحركات النسوية في المجتمعات العربية وتأثرها بالأفكار الرأسمالية لدى الغرب دون اعتبارات للثقافة الإسلامية والشرق أوسطية، حيث أجرت في مقالها لقاءً مع د. أمل المالكي، العميد المؤسّس لكليّة العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة حمد بن خليفة، عضو مؤسسة قطر التي بينت دور المرأة العربية والخليجية إقليمياً وعالمياً، مبينة ما ترجوه النساء من إصلاحات مأمولة اجتماعياً وسياسياً.
وفي باب الطفل فنجد مقالاً بعنوان اللحاق بركب الحضارة في ظل ثوابت التربية ومتغيرات التعليم لكاتبه د. شادي السيد يرى الكاتب فيه أن التربية مفهوم يولي اهتماماً بمنظومة القيم والأخلاق وبناء الضمير، أما التعليم فينصب تركيزه على المعارف والمعلومات المجردة، ولا يمكن أن يكونا بمعزل عن بعضهما البعض في مرحلة الطفولة، حيث تناول الكاتب طوفان العولمة الوافدة بقيمها الدخيلة المفسدة الذي ضرب المجتمعات العربية، ناهيك عن التغيرات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، التي أدت إلى تصعيد لأزمة التربية نجمت عنه انحرافات سلوكية ومظاهر غير مسبوقة من التفكك الأسري، بل وخلخلة مزلزلة للنظام الاجتماعي برمته.
وأعرب الكاتب د. شادي السيد عن قلقه حول تأثير التكنولوجيا الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي على الأطفال، وكيف أن هذه الأدوات قائلاً “إذا لم يتم استخدامها بحكمة وإشراف يمكن أن تؤدي إلى مشكلات كبيرة في التنشئة والتربية، وأهمية دمج التكنولوجيا في التعليم بشكل متوازن يضمن استفادة الأطفال منها دون الإضرار بقيمهم وأخلاقهم”.
أسبوعها الرابع
تطرقت المجلة في أسبوعها الرابع إلى باب المحليات وباب المغتربين.
وفي باب المغتربين ينقل لنا الكاتب أحمد عقب الباب في مقاله الحصار الجنسي وعوائق اندماج المغتربين الإشكالات التي تواجههم في الغربة أثناء بحثهم عن شريكة العمر من جهة، ومن جهة أخرى عالج المقال الانعزال الطوعي على مستوى الأعراق والطوائف، وعلى مستوى القوانين في بعض الدول، مما أثر سلباً على الأطفال فيما يخص حقوق المواطنة.
ففي باب المحليات تناولت الإعلامية هدى محمد في مقالها صراع حلم التملك وكابوس البناء المشاكل التي تواجه الساعين لبناء منازلهم مع المقاولين والاستشاريين بشكل رئيسي، موضحة اللوائح والقوانين المتعلقة بالإجراءات والنماذج الخاصة بطلبات ترخيص البناء، وقد أجرت لقاءً مع د. ياسر المنياوي المستشار القانوني في مكتب المحامي راشد بن ناصر النعيمي للمحاماة والإستشارات القانونية الذي بين أهمية وضوح العقد المبرم مسبقاً بين المالك والمقاول لتفادي تعطيل البناء وما يترتب عليه من خسائر مالية ونفسية وإهدار للوقت.
وتقترح الإعلامية هدى محمد بعد تحقيقها الذي أجرته أن “على الملاك أن يقدموا مواصفات معقولة للبناء المزمع تنفيذه واختيار الاستشاري المناسب الثقة منعاً لاستغلال خبرة الملاك المحدودة من قبل المقاولين” وأضافت أم “على الملك طلب خرائط تفصيلية للحد من مطالبة المقاولين بتكاليف إضافية مرتفعة لم تكن في الحسبان”.
يمكننا أن نرى مدى تنوع الأبواب والقضايا التي تتناولها مجلة قول فصل الإلكترونية الأسبوعية. فالتطرق إلى موضوعات قانونية، دينية، تاريخية، تربوية، واجتماعية يعكس مدى شمولية وعمق الطرح الذي تسعى المجلة لتحقيقه. ومن الواضح أن المجلة تسعى جاهدة لتقديم محتوى يثري القارئ ويساهم في رفع مستوى الوعي حول القضايا المختلفة التي تهم المجتمع المحلي والدولي على حد سواء، وذلك في ظل التطور الرقمي والانتشار الواسع لمجلات الإنترنت، تبدو مجلة قول فصل نموذجاً جيداً للمجلة الإلكترونية التي تجمع بين الرصانة الفكرية والجاذبية البصرية، ما يجعلها قادرة على المنافسة وجذب قاعدة واسعة من القراء.